قدّم الرئيس جو بايدن والرئيس الصيني شي جين بينج تعهدات جديدة لمكافحة تغير المناخ يوم الثلاثاء الماضي في خطبهما أمام الأمم المتحدة. وبالنسبة لمساهمة الزعيم شي –وعد بأن تتوقف الصين عن تمويل محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم في الخارج.

والفحم، بشكل خاص، هو مصدر غير نظيف للطاقة بسبب الكمية الكبيرة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن احتراقه. الجهود الجادة المبذولة لخفض الانبعاثات بسرعة من شأنها أن تقلل من الاستخدام الحالي للفحم بأسرع ما يمكن وتتجنب إنشاء أي محطات فحم جديدة. وبدلاً من ذلك، تقوم الصين ببناء محطات فحم جديدة داخل البلاد لتغذية اقتصادها المتنامي. والوعد بالتوقف عن مساعدة الآخرين في بناء مصانع جديدة في تاريخ مستقبلي غير محدد هو انخفاض في مقدار الانبعاثات، مقارنة بالكميات الهائلة من الفحم الذي تحرقه الصين بالفعل.

غالباً ما تلجأ البلدان النامية إلى الفحم لأنه وقود رخيص نسبياً لاستخدامه من أجل توليد الكهرباء. كما أن الفحم متوفر بكثرة، ويسهل استخراجه في أجزاء كثيرة من العالم، علاوة على أن الكهرباء التي يتم توليدها من المحطات التي تعمل بالفحم متوفرة طوال الوقت، على العكس من الكهرباء التي يتم توليدها من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. على سبيل المثال، أدت إمدادات الصين الوفيرة من الفحم إلى صعودها لتصبح قوة اقتصادية عالمية. والابتعاد عن ذلك من شأنه أن يقلل من القدرة التنافسية للبلاد ويثقل كاهلها بالتكاليف المرتفعة للتحول إلى محطات توليد الطاقة الجديدة.

لذا، فإن مكافحة تغير المناخ بجدية في الوقت الحالي من شأنها أن تقلل بشكل كبير من النمو الاقتصادي للبلدان الفقيرة التي تحاول اللحاق بالركب. وكما هو متوقع، فإن هذه الدول ليست على استعداد لمنع الهيمنة الاقتصادية الغربية. يمكن حل هذا المعضلة إذا كانت الدول الغربية على استعداد لدفع المال للعالم المتقدم مقابل امتثاله للأهداف المناخية. وهنا يأتي دور تعهد بايدن، حيث وعد بالعمل مع الكونجرس لمضاعفة التمويل الأميركي لمكافحة آثار تغير المناخ في الخارج إلى 11.4 مليار دولار سنوياً.

قد يبدو هذا كثيراً، لكنه ليس قريباً مما هو مطلوب. يقول نشطاء المناخ إن الولايات المتحدة يجب أن تتخلى عن 49 مليار دولار سنوياً. وستكون تكلفة ذلك لمدة عشر سنوات مساوية تقريباً للإنفاق الجديد المدرج في صفقة البنية التحتية بين الحزبين، ولن يذهب سنت واحد إلى المشاريع الأميركية. ومن غير المعقول أن يخصص الكونجرس هذا القدر الكبير من الأموال، خاصة أن استطلاعات الرأي على مدى عقود أظهرت أن المساعدات الخارجية هي نوع من الإنفاق الفيدرالي الذي يرغب معظم الناس في خفضه.

علاوة على ذلك، فإن هذه البلدان لا تحتاج فقط إلى المساعدة لمحاربة آثار تغير المناخ، بل بحاجة إلى المال لتمكينها من المنافسة اقتصادياً في العالم الخالي من الكربون الذي يريد الغرب بناءه. وسيتطلب ذلك مئات المليارات سنوياً من المصادر العامة والخاصة، مع وجود العديد من الاستثمارات غير قادرة بشكل يائس على تحقيق معدل عائد معقول. يمكن لنشطاء المناخ الأثرياء مثل الملياردير بيل جيتس التعهد بتخصيص كل ثرواتهم من أجل القضية، ومع ذلك فهم بالكاد يحدون من المشكلة.

سيحزن نشطاء المناخ على ندرة وعود قادة العالم، لكن الحقيقة القاسية هي أن الجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ بجدية من شأنها أن تقلل من مستوى المعيشة في العالم، لا سيما في العالم المتقدم، على المدى القصير إلى المتوسط. وكلما رغبت الدول المتقدمة بشكل أسرع في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كان الانخفاض أكثر حدة، لكن لا توجد إرادة سياسية للقيام بذلك، ولن تكون هناك في أي بلد يُحكم ديمقراطياً.

يركز النهج الأكثر واقعية لتغير المناخ على الاختراقات التكنولوجية التي تجعل توليد الطاقة المتجددة وتخزينها أرخص بكثير وأكثر موثوقية مما هو عليه اليوم. في السنوات الأخيرة، انخفضت أسعار إنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية بسبب هذه التطورات، لكن الاعتماد على هذه التقنيات لا يزال يشهد معوقات بسبب القيود المفروضة على تخزين البطاريات وتكلفة تخزينها. وهذا يعني أن مشاريع مثل إنشاء بطاريات الحبيبات الحديدية سيكون أكثر أهمية في معركة تغير المناخ طويلة الأمد من أي خطاب في الأمم المتحدة يستحوذ على اهتمام الصحف. لقد ابتعد نشطاء المناخ عن قول الحقيقة للعالم.

وبدلاً من إقناع العالم بالتضحيات، قاموا بالترويج لمزاعم مبالغ فيها عن زيادة الوظائف والمكاسب الاقتصادية، متجاهلين الألم الذي سيترتب على إغلاق محطات الوقود الأحفوري، وتغيير استهلاك الطاقة لمليارات الأسر. ينطبق قانون الندرة على مكافحة تغير المناخ بقدر ما ينطبق على جميع المساعي الاقتصادية الأخرى. لا يمكننا الحصول على إمدادات غير محدودة من كل ما نريده طوال الوقت. تتطلب مكافحة تغير المناخ في الواقع مقايضات مؤلمة. وإلى أن يخبرنا قادة العالم بذلك، فإن كلماتهم لا تجدي.

*زميل بارز في مركز الأخلاق والسياسة العامة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»