تتغير المسميات ويبقى المحتوى هو الأهم، وصناعة السمعة هي التسويق، بطريقة خفية أو علنية، أي إبراز المنتج بشكل إيجابي مرغوب. وهنا تكمن المهمة الصعبة لهذا النمط من الصناعة الصعبة، وهي إبراز نقاط القوة في منتج ما أو مؤسسة بعينها، وهو الأمر الذي قد يلتبس على الكثيرين، وعندئذ تكون له انعكاسات سلبية ملموسة، خاصة إذا تعلق الأمر بتحسين صورة مؤسسة مهمة! وهو ما نلمسه أحياناً لدى بعض الهيئات التي لا تعرف كيف تقدم مضموناً يخدمها ويعكس حقيقة المهام التي تقوم بها ومدى إيجابية أدوارها في خدمة المجتمع. 

ولعل عدم المعرفة بفنيات وأساليب الترويج والتسويق وصناعة السمعة جعل ردود الأفعال لا تتناسب مع ما تقدمه بعض الجهات من خدمات كبيرة. وعكس ذلك حين تكون لدى المؤسسة إخفاقات، لكنها ماهرة في تقديم ذاتها من خلال وسائل متعددة بشكل مشوّق واحتفالي، مما يجعلها تحصد الآراء الإيجابية الكثيرة حول أدائها.
إن التقديم الصحيح للمؤسسة هو الطريقة السليمة لتطويرها، أما صناعة صورة نمطية لا توافق الواقع، فمن شأنه أن يضر بالمؤسسة وبالمتعاملين معها. وأعتقد أنه ينبغي الاهتمام بكل ما يمكن أن يؤثر في السمعة، حتى ولو كان زي الموظف الذي يعكس هوية الجهة التي يمثلها. ولا يعني الأمر هنا أي نوع من الكذب أو التدليس، بقدر ما هو خطة استراتيجية تهدف لترسيخ صورة إيجابية في باطن أذهان الجمهور، سواء أكان جمهوراً مستفيداً من خدمات المؤسسة وهدفاً لمنتجاتها، أم جمهوراً خارج نطاق خدماتها ومنتجاتها.
وصناعة السمعة هنا تعني الاعتناء بكل التفاصيل مهما صغُرت، أي إيجاد حالة من الكمال التي تعتني بكل شيء، وتستوعب معنى أن يمثل أصغر موظف في المؤسسة المكان الذي ينتمي إليه، وكيف أنه قادر على تجسيد صورة جميلة مؤثرة في ذهنية المتلقي، وبالتالي تحقيق سمعة إيجابية تعمل على دعم خطط المؤسسة وإعطائها هالتها التي تعزز من احتمالات نجاحها مستقبلاً.
ولا تعني السمعة موضةً تتلاشى سريعاً كحال كثير من الصرعات في عالم الإدارة وغيرها، بل هي صناعة قديمة وتزداد أهميتها اليوم، وهي المؤشر على حيوية المؤسسة وقدرتها على التعامل مع متغيرات الواقع ومعطياته التي لا تستقر على حال.
وأسوأ ما يمكن للمؤسسة فعله هو إغفال الجانب الخاص بانطباعات الجمهور أو إسناده لأشخاص لا يفهمون خطورة دورهم وما يقومون به، وكيف أن ارتكاب خطأ صغير يمكن أن يودي بالسمعة نهائياً بعد سنوات من العمل على ترسيخها في ذهن الجمهور. 
صناعة السمعة هدف استراتيجي حتى على مستوى الأفراد، أما إذا كان على مستوى المؤسسة فالمهمة أهم وأخطر وأصعب، وتستحق العناية الكافية.


كاتبة إماراتية