بطريقة ما، كانت الفصول الدراسية الأميركية دائماً ميادين معركة للحروب الثقافية الأكبر في البلاد. أثناء إعادة الإعمار، أصبحت مدارس السود هدفاً مفضلاً للمتطرفين البيض. وتم إحراق العديد من هذه المدارس بالكامل. وعلى سبيل المثال، كما سجلت منظمة «مبادرة العدالة المتساوية»، فإنه «في خريف 1870، قام الغوغاء البيض بإحراق كنيسة ومدرسة خاصة بالملونين في توسكيجي بألاباما.

وفي مقاطعة كالهون، بنفس الولاية، وفي العام ذاته، استشاط حشد من البيض غضباً بسبب توسيع مدرسة محلية للسود، وقاموا بإعدام أربعة رجال ذوي بشرة سمراء». وبعد عام 1870 بفترة طويلة، وعلى مدى عقود، كان التعليم كله تقريباً في معظم أنحاء البلاد مفصولاً عنصرياً.

وقامت المناطق التعليمية بتغذية الطلاب بالدعاية العرقية وتفوق البيض عن طريق كتب للتاريخ تقلل من أهمية العبودية وتتلاعب في تصويرها، وبالكاد ذكرت وسائل الترهيب التي يتبعها البيض، مثل الإعدام خارج نطاق القانون، بل تمجد الحرب الأهلية، وتعيد روايتها بطريقة مخالفة للواقع. وكما ذكرت صحيفة «مونتجومري أدفيرتايزر»، فقد «استحسنت المناهج الإطاحة العنيفة بالحكومات متعددة الأعراق المنتخبة بطريقة ديمقراطية». وعندما صدر الأمر أخيراً بدمج المدارس، قوبل هذا التوجه بمعارضة شديدة وعنيفة.

وكانت إحدى الحجج ضد ذلك الأمر هي الخوف من الاختلاط وإنتاج سلالة من الهجين «المونجول».الركيزة الأساسية لتفوق البيض هي التمييز الجنسي الأبوي، والرجال البيض يبررون عدوانهم من خلال الادعاء بأنهم يحمون النساء والأطفال العزل. ويمكن لهذا، في ذهن المتطرف الأبيض، أن يجعل عنفه يبدو وكأنه فروسية. وهكذا، تشكل الفصول الدراسية لدينا ساحات قتال مثالية، وفيها يمكن أن يتنكر الذنب وكأنه يحمي الأبرياء. وبينما دارت المعارك السابقة حول إلغاء الفصل العنصري في الفصول وفي النقل بالحافلات، وفي الكتب المدرسية والمناهج وفي التمويل العادل للمدارس.. فإن المعركة الحالية تدور حول ما يمكن تدريسه.

يريد بعض المحافظين تسميته رد فعل عنيفاً ضد تعليم المفهوم الغامض لنظرية العرق النقدي، لكنه ليس كذلك. كان تدريس هذه النظرية في المدارس الابتدائية شبه معدوم. والأمر في الواقع يتعلق بما إذا كان يجب على المدارس تدريس تاريخ كامل ودقيق للعرق في أميركا أم لا، مع العلم أنه قد يسبب في عدم ارتياح للأطفال البيض لأنهم سيواجهون حقيقة ما فعله أجدادهم.هؤلاء المعترضون المحافظون يعيدون صياغة الحملة بشكل أساسي للاستمرار في تدريس نسخة تمجيدية من التاريخ العرقي لأميركا محورها البيض، كمحاولة لحماية الأطفال البيض الأبرياء من الضيق. الأمر مشابه لما حدث في الخمسينيات عندما أنشئت لجنة لملاحقة الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين والربط الذي حدث بين المنظمة والشيوعية.

وعندما فشلت الجهود، وجهت اللجنةُ جهودَها لاستئصال المثليين من الرجال والنساء في المدارس «على أساس أن الانحراف الجنسي والسياسي يسيران جنباً إلى جنب». ومرة أخرى، كان هذا تمويهاً لأجندة سياسية في صورة جهد نزيه للدفاع عن الأطفال. والآن نشهد تحول الفصول إلى ساحات معركة حول ارتداء القناع والتطعيمات، وقد أصبحت بعض المظاهرات حول هذه القضية عنيفة. للوهلة الأولى، قد تبدو ضراوة رد الفعل لإخفاء أوامر ارتداء القناع في المدارس، وكأنها ليست أكثر من التصرفات المصطنعة المعتادة والمناهضة للحكومة، التي ابتكرها السياسيون والمعلقون اليمينيون الذين سخروا من ارتداء القناع باعتباره انتهاكاً للحرية الشخصية.

ولكن كما أشار مركز قانون الفقر الجنوبي: «الاحتجاجات ضد تدابير السلامة العامة أثناء الجائحة خلقت فرصاً للانتقال إلى صفوف مجموعة متنوعة من الجماعات اليمينية المتطرفة». وتدّعي هذه المجموعات أنها تحمي حقوق الوالدين، وتمنع الحكومة من التدخل في العلاقة بين الوالدين والطفل. لكن في النهاية، يتم استخدام الأطفال فقط، لأن المتطرفين اليمينيين والمنادين بتفوق البيض أحياناً يجعلون الناس عرضةً للخطر، ويستهدفون الضعفاء، لذا فإنهم بحاجة إلى مظهر الدفاع عن الضعفاء لتحقيق التوازن.

*صحافي أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»