في سابقة هي الأولى من نوعها، على صعيد التعاون الدولي العلمي العابر للقارات والحدود، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن انطلاق المرحلة الثانية من الدراسة المعروفة بدراسة التضامن (Solidarity Plus)، والتي تبحث في فعالية ثلاثة من الأدوية والعقاقير الطبية، المحتمل أن يكون لها دور في علاج كوفيد-19. 

فمع انضمام 16 دولة، يرتفع بذلك عدد الدول المشاركة في المرحلة الثانية من الدراسة إلى 52 دولة، لتصبح هذه الدراسة هي الأكبر في التاريخ على الإطلاق، حيث ستجرى على الآلاف من مرضى كوفيد-19 المحجوزين في أكثر من 600 مستشفى ومركز طبي حول العالم، وتحت إشراف آلاف الباحثين والعلماء. وهو ما سيتيح تقييم عدة علاجات مطروحة في آن واحد، ضمن بروتوكول متناسق ومتناغم، والوصول إلى تقدير واقعي جيد عن تأثير تلك الأدوية والعقاقير على معدلات الوفيات، حتى ولو كان هذا التأثير ليس بالبين والواضح بشكل جلي.

وتم اختيار العقاقير الثلاثة محل الدراسة من قبل لجنة مستقلة من العلماء والخبراء، بناءً على تمتعها بإمكانية خفض خطر الوفاة في مرضى كوفيد-19 الذين تدهورت حالتهم لدرجة تطلبت حجزهم في أقسام العناية المركز بالمستشفيات. ويتم بالفعل استخدام هذه العقاقير حالياً لأغراض أخرى، فالعقار الأول مثلاً (Artesunate) يستخدم حالياً لعلاج الملاريا، أما العقار الثاني (Imatinib) فيستخدم لعلاج بعض أنواع السرطان، بينما يستخدم العقار الثالث (Infliximab) لعلاج بعض أمراض المناعة الذاتية مثل الروماتويد، ومرض يصيب القولون ويعرف باسم «مرض كرون».

وبخلاف العثور على أدوية وعقاقير فعالة لعلاج كوفيد-19، ستتيح هذه الدراسة إسقاط علاجات أخرى من الحسابات ومن الأبحاث، بعد ثبات عدم فعاليتها. وبالفعل في المرحلة الأولى، أظهرت الدراسة عدم فعالية أربعة من العقاقير، حظيت لفترة باهتمام شديد وتغطية إعلامية واسعة، وهي الهيدروكسي-كلوروكوين، والرمديسفير، واللوبينافير، والإنترفيرون.

ويأتي انطلاق المرحلة الثانية من دراسة التضامن، بحثاً عن علاج فعال ومتوفر، في وقت حرج، يشهد ظهور نسخ متحورة من الفيروس، أكثر شراسة وقدرة على العدوى، مثل المتحور دلتا الذي يتسبب حالياً في موجات جديدة من الوباء في عدد من الدول التي كانت قد شهدت قبل أسابيع مضت تراجعاً ملحوظاً في معدلات الإصابة بين شعوبها. وجدير بالذكر أن العقاقير المنتمية لطائفة السترويدات مثل عقار «الديكساميثازون»، تعتبر هي فقط ذات الفعالية الملموسة ضد تعرض المرضى للمضاعفات الخطيرة لكوفيد-19، وإن كانت هذه العقاقير لا تحقق الوقاية من العدوى أو الشفاء والتخلص من الفيروس ذاته.
كاتب متخصص في الشؤون العلمية