بعد كتابة مجموعة من المقالات تستكشف الجدل بشأن التاريخ والعنصرية والتعليم، اعتزمتُ التراجعَ خطوةً والكتابةَ عن الأسباب التي تجعل الفشل حليفاً محتملاً في نهاية المطاف لجهود المحافظين في استخدام التشريعات لعرقلة النظريات التعليمية التقدمية الجديدة في المدارس، لكن أحياناً يكتب شخص ما أولا صيغة أفضل من المقال الذي يعتزم المرء كتابته. فقبل أيام قليلة، كتب هذه الصيغة صامول جولدمان، الأستاذ بجامعة جورج واشنطن، والذي يكتب لموقع TheWeek.com، واستعان جولدمان بالتاريخ الطويل لفشل المحافظين في التصدي للتحولات الثقافية الليبرالية عن طريق عراقيل تشريعية، وتوصل إلى أنه، في حالة التعليم، فإن «وضع تشريعات هو المجال الذي تموت فيه إصلاحات المقررات الدراسية المحافظة».

والمشكلة ليست أن التشريعات الجديدة مفرطة الشمول أو الغموض، بل بحسب قول جولدمان «لأنها تستهدف الأفكار، وليس هيكل وأفراد المؤسسات التعليمية». وجولدمان لا يعني بهذا المشرّعين، بل الموظفين البيروقراطيين والمديرين والمعلمين.. الذين يقررون، في نهاية المطاف، ما يجري تدريسه في المدارس فعلاً. وما دامت المؤسسات التي تدرّب وتمثل أفراد التعليم العام يهيمن عليها الليبراليون، فالتوجهات الليبرالية داخل هذه المؤسسات أكثر أهمية من أي محاولة للتشريع ضدهم.

وهناك كثير من الشكوك الليبرالية عن حكمة ترجمة التدريب على التنوع، لمؤلفة مثل روبن دانجلو، إلى مقرر في الصف الدراسي الثاني عشر. كما أن رد فعل المحافظين قد يزيد المتشككين الليبراليين صلابةً. وفي المقابل، قد يصبح التأثير عكسياً مع الربط بين هذه الشكوك وبين سياسة «فوكس نيوز» الصحفية وحاكم ولاية كاليفورنيا رون ديسانتيس.

لكن في كلتا الحالتين، فإن الذين يحسمون الأمر هم الليبراليون في المؤسسات وفي النقاش مع النشطاء الذين يقعون إلى يسارهم، والتطور الطويل الأمد للنظام يصبح بعيداً عن السيطرة المباشرة للمحافظين. فهل يمكن أن يتغير هذا؟ يتخيل جولدمان طريقتين يستطيع بهما المحافظون إعادة تشكيل التعليم الأميركي بشكل مباشر.

الأولى هي اتباع صيغة أكثر قوة لحركة اختيار المدرسة، وهو تحول نحو تعددية التعليم تتاح فيه أموال عامة أكثر للبدائل الخاصة مما يمكّن المحافظين وآخرين من الصعود بالتعليم البديل القائم إلى مستوى المدارس العامة والبيروقراطية التعليمية. والثانية هي محاولة في «مسيرة طويلة في إطار المؤسسات القائمة»، وخلالها يكرس المحافظون «أنفسهم للتأثير على المدارس العامة بكل طريقة وفي كل مستوى تعليمي»، من خلال تولي مناصب غير مريحة عادةً في إطار مؤسسة تعليمية ليبرالية، وإقامة جمعية اتحادية للمعلمين والتحلي بعقلية ناشطة عبر سنوات وعقود، وهو أمر مطلوب لتحقيق نفوذ دائم.

والمشكلة في الطريقة الأولى هي التحيز الراهن لمعظم الآباء الأميركيين الراضين عن المدارس العامة لتشككهم في إنفاق أموال الضرائب في سبيل تحقيق تنوع في النظام. ومشكلة الفكرة الثانية، كما يوضحها جولدمان دون تجميل، هي أن التوجه المحافظ الأميركي «عدائي بشكل انفعالي للتوظيف في القطاع العام ومتشكك في المؤسسات الرسمية ولا يطيق صبراً على التخطيط طويل الأمد».

لدي فكرة ثالثة: يزعم «الجمهوريين» أنهم يمثلون التنوع الفكري والأيديولوجي في صراعهم واسع النطاق مع المؤسسة الأكاديمية التي تتزايد ليبراليةً، لكن أسلحة الجمهوريين عقابية غالباً، مثل التهديد بالإقالة أو قطع التمويل أو محاولات ارتجالية لعرقلة عمليات تعيين محددة. ماذا لو استخدم المحافظون قوة المال للبناء في إثبات أن تصورهم عن المؤسسة الأكاديمية أمر ممكن؟ لنسمح لديسانتيس أن يقيم مدرسةً جديدة للمعلمين في فلوريدا لا تخضع فيها المقررات الدراسة فحسب، بل التوظيف وقرارات القبول، لهيئة يعينها كلا الحزبين السياسيين في المجلس التشريعي في الولاية.

أو لندع رئيساً جمهورياً قادماً يقيم مجموعة من الجامعات العامة على مستوى البلاد لها هيكل مشابه، أي يعين مجالس إدارتها الجمهوري ميتش مكونيل والديمقراطي تشاك شومر ويحدد المقررات الدراسية المحورية أكاديميون عيّنهم الحزبان، وبالطريقة نفسها يُعين المسؤولون عن قرارات القبول. هذه الأفكار قد تفشل تماماً. وفكرة مثل هذه السيطرة السياسية المباشرة على إدارة المؤسسة الأكاديمية قد تحفّز على مقاطعة عامة باسم الحرية الأكاديمية من أعضاء المجالس الليبراليين المحتملين وأعضاء هيئة التدريس. وقد توصف المدارس العامة الجديدة بأنها مقابل لجامعة ترامب.

أو ربما، كما يجادل بعض الأكاديميين الليبراليين، أنه لا يوجد محافظون لديهم ما يكفي من المهارات ومهتمون بالحياة الأكاديمية لشغل المناصب في هذه الجامعات. والتفكير في مثل هذه الأمور يعني الاعتراف بأن الأمر لا يقتصر على اهتمام المحافظين بإنهاء الدورة متعددة الأجيال التي حققت لليبراليين سلسلة من الانتصارات الثقافية، لكنها أدت إلى مجتمع منقسم لا يثق على نطاق واسع بالمؤسسات، وإلى ظهور يمين شعبوي متعثر.

والمؤسسات التي يديرها الليبراليون حالياً، كي تحظى بدعم واحترام من عامة الجمهور، يتعين عليها استقطاب المزيد من المحافظين. وكي يجري استقطاب المزيد من المحافظين يحتاج اليمين إلى نوع ما من الضمان في التأثير أو النفوذ الفعلي. وكي يبدو الضمان موثوقاً به، يحتاج الأمر إلى وجود رئيس جمهوري يضع حجر أساس بعض المؤسسات العامة، ولنرى ما يحدث لاحقاً.

*صحفي أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

 

 https://www.nytimes.com/2021/07/17/opinion/sunday/conservatives-education.html