الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى جمهورية النمسا الاتحادية الخميس الماضي، أسست لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الدولتين وفي مختلف المجالات، ليس فقط لأنها أظهرت مدى التوافق الثنائي حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية، وإنما أيضاً لأن هذه الزيارة المهمة تُوجت بتأكيد الدولتين على العمل، من أجل ترسيخ هذا الشراكة في كافة المجالات خلال السنوات المقبلة وفي مختلف المجالات السياسية والإنسانية والاقتصادية والسياحية والطاقة، بجانب التعليم والثقافة والصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والحلول المستدامة للتصدي لتحديات التغير المناخي، وتطورات جائحة «كوفيد - 19» في العالم والجهود الدولية المبذولة لمواجهتها.

لقد حظيت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى فيينا باهتمام غير مسبوق في النمسا، رسمياً وشعبياً وإعلامياً، وهذا يعكس المكانة الكبيرة لسموه والتقدير الكبير لدوره الفاعل في تطوير الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، والارتقاء بها في مختلف المجالات، وهذا كان واضحاً من خلال ترحيب المستشار «سيباستيان كورتس» بزيارة سموه، مؤكداً أنها تعتبر محطة مهمة في إطار تعزيز وتوطيد علاقات التعاون بين البلدين الصديقين، والتي شهدت تطورات كبيرة في السنوات الأخيرة، مؤكداً بأن زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «مصدر سرور وشرف عظيم لنا».

وجاءت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى النمسا في توقيت بالغ الأهمية، سواء بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط أو بالنسبة للعالم أجمع نتيجة تزايد الخلافات بين القوى الكبرى حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، ومن ثم فإن هذه الزيارة كانت فرصة مهمة لتنسيق المواقف بين الإمارات والنمسا إزاء مجمل هذه القضايا.

وقد أظهرت المباحثات التي أجراها سموه مع العديد من المسؤولين في النمسا خلال هذه الزيارة بوضوح المكانة العالمية لدولة الإمارات من جهة، وتأثيرها المتنامي في تشكيل مواقف القوى الكبرى إزاء القضاء الإقليمية والدولية، بعد أن ثبت أن الإمارات تشكل بالفعل عاملاً رئيسياً في تعزيز أسس الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. لقد دشنت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى جمهورية النمسا الاتحادية لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية الإماراتية- النمساوية، أكثر شمولية تهتم بمجالات اقتصادية، وبملفات الطاقة والتكنولوجيا والتعليم، وغير ذلك، في سياقات سعي الإمارات إلى تنمية علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية أيضاً، والتحالف مع القوى التي تدرك أهمية السلم والأمن ونبذ الكراهية والتطرف والإرهاب في العالم أجمع. الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والنمسا مرشحة لنقلة نوعية خلال السنوات المقبلة، تضيف إلى ما تم تحقيقه من إنجازات خلال السنوات الماضية، خاصة أن الدولتين مدركتان لأهمية هذه الشراكة وحريصتان على الارتقاء بها في مختلف المجالات، وهذا ما جسدته وعكسته الزيارة، والتي كرست صورة الإمارات الإيجابية باعتبارها نموذجاً عالمياً ومثالاً يحتذى به في مجال التسامح والتعايش، وباعتبارها قوة إقليمية فاعلة ومؤثرة وصاحبة تأثير استراتيجي كبير في منطقة الشرق الأوسط، وتقود الجهود الرامية إلى تعزيز أسس الأمن والاستقرار في محيطها الإقليمي.

وأبرزت وسائل الإعلام النمساوية الاستقبال الحافل الذي حظي به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومراسم الاستقبال رفيعة المستوى، وبحضور كبار المسؤولين النمساويين، حيث حظيت الزيارة باهتمام غير مسبوق لجميع وسائل الإعلام حتى محطات التلفزيون الخاصة، التي تابعت على الهواء مباشرة وقائع الاستقبال وتوقيع الاتفاقية، واستعرضت الصحف النمساوية المهمة الاتفاق على تدشين شراكة استراتيجية موسعة لتعزيز التعاون في مجالات كثيرة.

لقد رسمت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى النمسا بوضوح آفاق الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين للسنوات المقبلة، وتكمن أهمية هذه الزيارة ليس فقط لأنها شملت مختلف مجالات التعاون بين الدولتين، وإنما أيضاً لأنها أبرزت خصوصية هذه الشراكة لا سيما في مواكبتها للمجالات التي تتعلق باقتصاد المستقبل والثورة الصناعية الرابعة، وتضمينها للمجالات الإنسانية والثقافية والتعليمية، ما يمنح هذه الشراكة عمقاً حضارياً وشعبياً خاصاً، ويجعلها نموذجاً للشراكات المتطورة باستمرار.

* إعلامي وكاتب إماراتي