عندما أعلنت كلية فليتشر أنها تعتزم استئناف الدروس الحضورية هذا الخريف، غمرني فرح عارم. فالتعليم عبر منصة زووم كان ضرورياً خلال أوج الأزمة، ولكنه لم يكن كافياً البتة بالنسبة لنوع الدروس التي أدرّس. 
كما فرحتُ أيضاً لاحتمال المشاركة في مؤتمر أكاديمي حقيقي بشكل حضوري هذا الخريف. ولأنني سبق لي أن شاركتُ في إدارة مؤتمر افتراضي ناجح، فإنني أقدّر فوائد هذا الخيار وأعترف في الوقت نفسه بأن عيوبه تظل كبيرة. وبعد 18 شهراً أصبحت فيها هذه الوظائف تؤدى عن بُعد بشكل كامل، ستعقد «الجمعية الأميركية للعلوم السياسية» اجتماعها 2021 بشكل حضوري في مدينة سياتل. 
غير أن الصعود السريع لمتحور دلتا جعل العديد من الزملاء يفكرون مرتين بشأن العودة إلى الوضع العادي هذا الخريف. كما يتساءل بعض الأساتذة والمديرين ما إن كانوا يستطيعون أو ينبغي لهم أن يشترطوا ارتداء كمامات في الأقسام – وإن كان الأمر كذلك، كيف يمكنهم فرض احترام ذلك. 
أما بالنسبة للجمعية الأميركية للعلوم السياسية، فقد كتب زميلي دان نيكسون على موقع «داك أوف مينيرفا» حول ما إن كانت المؤتمرات الحضورية ضرورية حقاً، بالنظر إلى أننا نستطيع الآن عقد مؤتمرات افتراضية. ويتساءل نيكسون وأصدقاؤه ما إن كانت الجمعية الأميركية للعلوم السياسية تستحق كل هذا أصلاً؛ إذ كتب يقول: «إن الأمر، في اعتقادي، يعود إلى أن المؤتمرات الحضورية – وخاصة المؤتمرات الحضورية الكبيرة – تمثّل جهداً كبيراً، وخاصة بالنظر إلى أن تجربة الاجتماع الافتراضي مقبولة على الأقل، بل إنها من بعض الجوانب أحسن. كما أن كلفة العملية أقل بكثير بكل تأكيد». 
ولا شك أنه لا يوجد جواب صحيح واحد على هذه الأسئلة. فالأمر يتعلق بالأذواق والتفضيلات الشخصية، إضافة إلى موقف المرء من المخاطر. غير أن الكثيرين يتطلعون بالفعل إلى أي نوع من التفاعل الأكاديمي الحضوري، سواء أكان في قاعة الدرس، أم مؤتمراً. 
لماذا؟ لنبدأ بالمخاطر أولاً. إذا كنت قرأتُ الدراسات مثل هذه الدراسة بشكل صحيح، فإن جرعتي لقاح الحمض النووي الريبي المرسال الذي في شراييني فعالتان جداً حتى ضد متحور دلتا من كوفيد- 19 (الجدير ذكره هنا أن فعالية بنسبة 88 في المئة تُعتبر نسبة مرتفعة على نحو غير مسبوق مقارنة مع لقاحات لأمراض أخرى). وإضافة إلى ذلك، فإن تأثير المناعة الجماعية يكتسي أيضاً أهمية أكبر في المناطق – مثل نيو إنجلند – التي لديها معدلات تلقيح كامل تناهز 70 في المئة. وهذا ينطبق أيضاً على أماكن أخرى ذات معدلات تلقيح مرتفعة، مثل قاعة الدرس، أو مؤتمر للباحثين في مجال العلوم السياسية. واللقاح فعال بشكل خاص في حماية الأشخاص من المرض الشديد أو الموت. 
لا نقصد بهذا القول إن احتمالات إصابة الأشخاص الملقَّحين تلقيحاً كاملاً بالفيروس منعدمة، ولكن سوزان ماثيوز من مجلة «سلايت»، وفي تقييمها لاحتمالات إصابة الأشخاص الملقحين بكوفيد الآن، كتبت تقول: «إذا كنت ملقحاً بشكل كامل، فإن تجنب حالة «خفيفة» من كوفيد، حتى وإن كان الأمر مزعجاً، قد لا يكون مهماً في الواقع مثلما تعتقد... ذلك أن الكثير من الأشخاص سيعززون مناعتهم في نهاية المطاف من خلال الإصابة بحالة خفيفة من كوفيد. وعليه، فينبغي ألا يقلق أحد بشأن الإصابة بالمرض بعد تلقيه اللقاح».
وبالنظر إلى الفئة الديمغرافية التي أنتمي إليها، فإن احتمالات إصابتي بحالة شديدة من كوفيد ليست منعدمة، ولكنها منخفضة بما يكفي حتى لا تمنعني من أداء وظيفتي والتمتع بحياتي. ويعلم الله كم أشتاق إلى القيام بعملي بالشكل المناسب. ذلك أن عقد الدروس بشكل حضوري أمر ممتع ومحفز للذهن. ورؤية الزملاء بشكل شخصي أحسن بكثير من رؤيتهم على شاشة زووم. ثم إن هناك أشياء تحدث مصادفة في التفاعل الحضوري لا يستطيع التبادل الافتراضي أبداً تعويضها.
لقد جعلني متحور دلتا أقوم بتحديث توقعاتي قليلاً. فأنا أدرك أن هناك إمكانية للإصابة بكوفيد إذا واصلتُ القيام بأشياء مثل الذهاب إلى المطاعم، وحضور المؤتمرات، وتعليم الطلبة بشكل حضوري. وربما سأكون أكثر يقظة وحذراً إن ارتديتُ الكمامات في الأماكن العامة المغلقة. ولكن باعتباري شخصاً ملقَّحاً بالكامل (ولا يعيش مع أطفال غير ملقحين)، يبدو لي ذاك الاحتمال مماثلاً لاحتمال الإصابة بفيروس عندما كانت هناك سلالة إنفلونزا قبيحة ذات شتاء. 
والأكيد أنه في لحظة ما، يجب أن نعيش الحياة!
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»