تمثّل موجةُ الحر المستمرة التي تضرب مناطق الشمال الغربي للولايات المتحدة وكندا المحاذية للمحيط الهادئ دليلاً حياًّ على المخاطر الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع حرارة كوكب الأرض بسبب تغير المناخ. ذلك أن مليارات الكائنات البحرية الصغيرة نفقت في مياه البحر التي ارتفعت حرارتها بشكل استثنائي، ومن بينها بلح البحر والمحار وسرطان البحر وأنواع أخرى تُعد حيوية وبالغة الأهمية بالنسبة للنظام البيئي الحساس للمناطق الساحلية حيث يلتقي البحر واليابسة، علماً بأن هذه المناطق تعتمد على البحر من أجل الرخاء الاقتصادي، وفي بعض الأحيان، من أجل البقاء. وعلاوة على ذلك، هناك تأثيرات مباشرة أخرى لموجهة الحر تتعلق بالأضرار التي تلحق بالبنية التحتية، وخاصة نظام الشبكة الكهربائية، والسكك الحديدية، والطرق. كما أثّرت موجة الحر على الكثير من الأشخاص، ولا سيما أولئك الذين يعملون في الهواء الطلق أو في العديد من المنازل وأماكن العمل المغلقة التي لم تكن تشعر في السابق بالحاجة إلى امتلاك تكييف هوائي. 
موجة الحر، إلى جانب الصدمات التي تسبب فيها انهيار برج سكني على شاطئ ميامي في 24 يونيو وخلّف مصرع 100 ساكن على الأقل، أيقظت الكثير من الأميركيين ونبّهتهم إلى العواقب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية طويلة المدى للاحتباس الحراري والتي لم يعد ممكناً تجاهلها أو إنكارها. وعلى الرغم من أن عدداً مهماً من المواطنين، وخاصة أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الأكثر ولاء، ما زالوا يقلّلون من شأن الأزمة أو ينكرونها، فإن الزعماء السياسيين المحليين من كل الأحزاب باتوا أكثر واقعية ووعياً بشأن المخاطر الكبيرة التي تواجه البلد والعالم. 
وأحد المؤشرات على هذا القلق الجديد هو أفعال وردود بعض شركات الوقود الأحفوري الكبرى التي كانت تقوم على مدى عدة سنوات بحملات ضخمة ضد تحذيرات تغير المناخ، على الرغم من أنها تدرك مدى خطورة المشكلة. وهكذا، اضطرت كل من «شيل» و«إكسون» و«شيفرون» لتغيير مواقفها العلنية بخصوص هذا الموضوع بسبب دعاوى قضائية، بما في ذلك دعاوى قضائية رفعها حاملو أسهم ومواطنون قلقون، لإرغام الشركات على التكيف مع حقيقة أنها تُعد مساهماً كبيراً في انبعاثات الكربون. 
والمهم بالقدر نفسه هو التأثير المتزايد لتغير المناخ على أسواق التأمين والاستثمار التي باتت مضطرة لاستشراف الاتجاهات المقبلة حتى تحافظ على قوتها التنافسية. ذلك أن أسواق المال تشهد حالياً استثمارات متزايدة في القطاعات التي بدأت تُظهر أرباحاً من «التكنولوجيات الخضراء» الرقمية الصاعدة من أجل تقليص انبعاثات الكربون. وتوفّر هذه التكنولوجيات الجديدة بدائل للوقود الأحفوري بخصوص إنتاج الكهرباء، وتدفئة المنازل والمكاتب، والتكييف الهوائي، والنقل الطرقي والجوي، والصناعات الكيماوية. 
ويحاول قطاع التأمين العالمي حالياً إيجاد طريقة للتعاطي مع الحاجة إلى فرض أقساط تأمين أعلى من أجل تغطية الحماية الأساسية للممتلكات والبنى التحتية المهددة بالحرائق والأعاصير والفيضانات وارتفاع مستويات البحر، وفي الوقت نفسه جذب زبائن باتوا يواجهون أقساط تأمين مرتفعة على نحو متزايد. ومعلوم أن قطاع التأمين يتمحور حول تقييم المخاطر بناء على بيانات تاريخية توفّر دليلاً يساعد على بناء توقعات بشأن احتمالية المطالبة بتعويضات عن الخسائر المتوقعة بسبب أحداث مثل الحرائق والفيضانات والرياح والزلازل وغيرها من الظواهر المدمِّرة. ولكن نظراً لأن تأثيرات تغير المناخ على هذه المخاطر بدأت تُفهم مؤخراً فقط، هناك عدم يقين بشأن المستقبل. وعدم اليقين هذا يضع مسؤوليات أكبر على كاهل قطاعات إعادة التأمين، التي تُعد شركاتُ التأمين نفسها زبائنَها، ويتمثل دورُها في توفير تغطية للمؤمِّنين الذي يتضررون بشكل كبير من أحداث مدمِّرة. 
ولعل أخطر تحدٍّ من الناحية السياسية بالنسبة لمعظم البلدان والأسواق المالية هو تأثير تغير المناخ على الزراعة وإنتاج الطعام والتكاليف المرتبطة بالاضطرابات الناتجة عن الظروف المناخية. فتاريخياً، يُعد نقص الطعام طريقةً أكيدة لزيادة التوترات الاجتماعية والفوضى السياسية التي تؤدي أحياناً إلى تغيير النظام. ولا شك أن هذا الموضوع والكثير من المواضيع الأخرى يجب أن تصبح مصدر قلق يحظى بالأولوية بالنسبة للحكومات عبر العالم.