لدي شكوك تجاه أميركا. فأنا باعتباري كاثوليكياً، فإن ولائي الأول هو لعقيدة تسبق جمهوريتنا وتعد بأن تدوم بعدها ولم تنل حقها في جانب كبير من تاريخنا، وربما تسير نحو التعرض لمثل هذا الازدراء مرة أخرى. والمناهضة للكاثوليكية في أميركا لم تكن أسوأ الشرور في تاريخ هذه الأمة، لكنها تفرض التزاماً خاصاً لحمل انتقادات إرثنا البروتستاني الأنجلو-ليبرال محمل الجد، سواء جاءت الانتقادات من راديكاليين أو من قوميين أو من كلاهما.لكن حين يتعلق الأمر بتقديم التاريخ الأميركي إلى أطفالي الأميركيين- لم يتجاوز أي منهم عشر سنوات- أدركت أننا نقدم لهم تعليماً وطنياً حقاً. وهذا من خلال تنظيم رحلات إلى ساحة معركة كونكورد (في حرب الاستقلال الأميركية)، وتقديم كتب مثل «جوني تريمين» للمؤلفة استر فوربس، والسير التي كتبها الزوجان دولير عن ابراهام لينكن وبنيامين فرانكلين، وشخصية بوكاهونتس (من الهنود الحمر) وكتب عن الشخصية النموذجية المتخيلة للوطني الأميركي «بول ريفيرز رايد» في قصيدة الشاعر الأميركي هنري لونجفيلو. 
ومن الكتب المفضلة لأبنائي قصة بعثة لويس وكلاركس- لاستشكاف الشمال الغربي الأميركي- الذي يتضمن مقتطفات من اليوميات مصحوبة برسومات نابضة بالحياة. وتجد في سيارة الأسرة كتاب لي جرينوود بعنوان: «ليبارك الرب الولايات المتحدة الأميركية». وحين تحاول كبرى بناتي الفوز في جدل بإعلانها «أنا أميركية حرة»، أؤكد لها هذا السند بدلاً من أجيبها بانتقادات كاثوليكية للفردية الليبرالية. 

ويجب القول أننا نقدم أيضاً جرعات من الواقعية عن العبودية والفصل العنصري وأهمية رؤية التاريخ من منظور المهزوم من الطرواديين إلى شعب «سو» من الهنود الحمر في أميركا. ونحن لا نتعلم في المنزل، فتعليمنا الوطني يتفاعل مع ما يتعلمه الأطفال في المدرسة وما يتشربوه من واقع الحياة في الولاية والمدينة. 

لكن بعد أن كتبت في الآونة الأخيرة عن حروب التاريخ والعِرق، اعتقد أن الأمر يستحق التحدث بشأن ما يجعل التعليم الوطني له قيمة حتى لو أراد المرء أن يكون لأطفاله موقفاً انتقادياً من خطايا الأمة في نهاية المطاف. وأريد هنا أن اختلف قليلاً مع ديفيد فرينش، الناقد المحافظ الشهير للمحافظين الذي كتب في مجلة تايم في الأونة الأخيرة يوبخ الأبوين اللذين «يخشيان ألا يحب الأطفال بلادهم ما لم يعلموهم أن بلادهم خيرة». وجادل بأن الحب للبلاد الذي نزرعه يجب ألا يستقر على براءة وعظمة أميركا بل يجب أن نحب بلادنا بالطريقة التي نحب بها أسرتنا مما يعني «سرد القصة الكاملة، الصالح فيها والطالح والفظيع». 
وأرد على هذا بالقول: نعم، لكن المرء يريد على الأرجح الشعور بأمن معين في روابط الأسرة قبل البدء بسرد القصة عن كل خطيئة وفضيحة. وهناك بالفعل بسهولة ما يكفي من الخير في أميركا في الماضي والحاضر لوضع أسس وطنية حتى تتشكل صيغ أكثر نضجاً من المعرفة من خلال الشعور الأساسي من الولاء والحب. 

وعلاوة على هذا، فإن الأسر، أي الأشخاص الذين من المفترض أن يحبهم المرء، عادة يكونون حول المرء وإلى حد ما لا مفر من حبهم حتى رغم ما يرتكبونه من خطايا. كما أن تاريخ البلاد أقل حميمية، فهو مجرد كلمات وأسماء وتركات معقدة ليست من لحم ودم. وإذا لم يبدأ تعليم التاريخ بما هو مثير للإلهام، فالشعور بالحب الحقيقي لن يتأصل أبداً مما يعرض ليس الوطنية فحسب للخطر بل أيضاً الاهتمام الأساسي بالماضي. فأنا أواجه المشكلة الأخيرة كثيراً في حديثي مع الشباب أصحاب العقلية التقدمية وهو شعورهم بأن التاريخ ليس فقط غير جدير بالحب بل ممل بالفعل إلى حد كبير وعبارة عن مسيرة صعبة وكئيبة للاستعمار وقهر النساء. 

لكن إذا علمت أولادك أولاً أن التاريخ زاخر بأشخاص قاموا بأعمال مشهودة وشجاعة ومحط إعجاب، أعمال صمود وابتكار تبدو فوق قدرتنا الآن، فبوسع المرء بناء الوعي عضوياً عن الطالح والفظيع الذي يتكلم عنه فرينش ويكمل الصورة في المدرسة المتوسطة والعليا بما لا يمس الحب للبلاد والاهتمام بالماضي. 

والبدء بالبطولة لا يعني البدء فقط بالأبطال البيض. فقصة الأميركيين الأفارقة هي أكثر القصص الأميركية مباشرة في بطولتها، بدءاً من الناشطة الحقوقية هاريت توبمان إلى مارتن لوثر كينج. وهي القصة التي تمثل المحور الطبيعي للوطنية الليبرالية، وهو شيء أدركته الليبرالية في فترة انتخاب باراك أوباما، لكنها في صورتها الثورية ومزاجها المتشائم يبدو أنها معرضة لخطر النسيان. وهذه الفكرة بشأن بناء أساس وطني لا تقضي على الجدل تقريباً. فما زال على المرء أن يحدد العمر المناسب والطريقة المناسبة ليقدم المزيد من التفاصيل والمزيد من الجوانب المظلمة في قصة التاريخ. وهذا ينطبق على الشكوك الكاثوليكية وأيضاً على الانتقادات الراديكالية. فأنا لست متأكداً تماماً من الكيفية التي يجب أن أقدم بها حقوق الإجهاض لأطفالي الأكبر. والناقد فرينش وآخرون إلى يساره مصيبون في هذا الصدد. فلا مفر من سرد الحقائق التاريخية الصعبة ولا توجد غيرها من طريقة سهلة لتنشئة أميركيين مثقفين. 

ينشر بترتيب خاص «نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com/2021/07/10/opinion/sunday/history-education-patriotic.html