دعا «إعلانُ الاستقلال» عام 1776 المستوطنات الأميركية إلى فصل نفسها عن سيطرة بريطانيا إبان فترة الملك جورج الثالث. محرر الإعلان كان هو توماس جيفرسون، الذي خطّ الكلمات الخالدة: «إننا نعتبر هذه الحقائق بديهية، أن كل الناس خُلقوا متساوين...». ثم أصبحت حرب الاستقلال التي تلت ذلك وتأسيس الولايات المتحدة الأميركية رمزاً للحرية بالنسبة لمواطني بلدان أخرى، وخاصة فرنسا التي شهدت ثورتَها الخاصة بها بعد ذلك بثلاث عشرة سنة في 1789. 
ولكن منذ لحظة إنشائه، واجه البلد الجديد معضلة أخلاقية ما زالت تلاحق أولئك الذين يحبون أن ينظروا إلى أميركا على أنها «المدينة المشرقة على التلة» و«منارة الأمل» بالنسبة للعالم. المشكلة بالطبع هي العرق، وخاصة معاملة أميركا للأميركيين الأفارقة. فتوماس جيفرسون ونحو 40 من الرجال الـ56 الذين وقعوا على إعلان الاستقلال كانوا ملاك عبيد يديرون مزارعهم الخاصة. وباستثناء جون أدامس، كان أربعة من الرؤساء الأميركيين الخمسة الأوائل يملكون عبيداً، بمن فيهم جورج واشنطن الأشهر. كما تشير وثيقة الإعلان أيضاً إلى «المتوحشين الهنود عديمي الرحمة» الذين حاربوا من أجل البريطانيين خلال «الحرب الثورية»، من بين تهم أخرى. 
القصة المؤلمة يشار إليها بـ«الخطيئة الأصلية» لأميركا، وقد تطلّب الأمر حرباً أهلية دموية لتحرير العبيد، ومئة سنة أخرى من أجل تغيير القوانين والسماح للأميركيين الأفارقة بحق التصويت وبالتحرر من العديد من التركات القانونية للعبودية. ولكن ومثلما أظهرت السنة الماضية، فإن تركة العنصرية المترسخة لم تنته، وقد أضحت المشجب في السجال الحالي حول الحقوق المدنية وحقوق الإنسان. 
السبب المباشر للاحتجاجات الجديدة كان قتل أفراد شرطة لأميركي من أصول أفريقية، جورج فلويد، في 25 مايو 2020 في مدينة مينيابوليس. وكان مقتله سُجل على مقطع فيديو شوهد عبر العالم، ما أدى إلى إشعال احتجاجات دولية وظهور حركة «حياة السود مهمة». احتجاجات استغلها دونالد ترامب كموضوع انتخابي في حملته الفاشلة من أجل الفوز بولاية ثانية كرئيس. 
بيد أن الخلافات بشأن العرق في أميركا ما انفكت تزداد حدة منذ انتخاب جو بايدن. ذلك أن الكثير من أنصار ترامب يعتقدون أن الانتخابات «سُرقت»، وأن المشاركة القوية للناخبين السود في عملية التصويت لصالح بايدن في الولايات المتأرجحة المهمة مثل جورجيا وبنسلفانيا قد «زُورت» لصالحه. وفضلاً عن ذلك، هناك حملة واسعة بين الهيئات التشريعية «الجمهورية» على مستوى الولايات لتمرير قوانين جديدة تتوخى تصعيب عملية التصويت في الانتخابات المقبلة وجعلها أكثر إرهاقاً بالنسبة للناخبين. ويعتقد «الديمقراطيون» أن هذا جزء من خطة مقصودة هدفها كبح أصوات السود. 
هذه المعركة حول قوانين التصويت الجديدة تُفاقمها الانقساماتُ المتزايدة داخل المجتمع بخصوص الكيفية التي ينبغي بها للمدارس أن تعلِّم الأطفال تاريخ ماضي أميركا، بما في ذلك معاملة الأقليات. ومن بين تلك المشاكل الجهود المتزايدة التي يبذلها التقدميون من أجل إدراج نظرية العرق الحساسة ضمن مناهج التعليم. وهذا يعني تركيزاً أكبر على كيف أن الأقليات كانت مقصية ومستبعَدة بشكل ممنهج عن الامتيازات المتاحة للسكان البيض مثل الوصول إلى السكن اللائق، والرعاية الصحية، والمدارس. 
ولعل الأكثر إشكالية من ذلك هي الحركة التي تأسست في أغسطس 2019 للاعتراف بأن التأسيس الحقيقي لأميركا المعاصرة كان في 1619 عندما حطّ عبيد سود ومالكوهم في مستوطنة فرجينيا الجديدة. وكانت عملية إعادة كتابة التاريخ القديم هذه قد أُطلقت ضمن سلسلة من المقالات في مجلة «نيويورك تايمز ماغارين» وأثارت سجالاً محتدماً. 
واللافت أن مشكلة العرق أخذت تصبح أكثر تنوعاً. ذلك أن الجهود الرامية إلى إلقاء اللوم على الصين وتحميلها مسؤولية انتشار وباء كوفيد 19 شجّعت على ارتكاب أعمال عنف ضد أميركيين آسيويين. والواقع أن هناك أملاً في أن يساعد نمو الاقتصاد على إخماد هذه البيئة السامة، غير أنه بالنظر إلى الحصة اليومية الدسمة من الأحداث الشائنة التي يراها الأميركيون على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن حدوث ذلك يظل مستبعداً على الأرجح.