حاولتُ في مقالي الأخير الحديث عن جزءٍ من الجدل الدائر حول العرق والتعليم من مرحلة الروضة إلى نهاية التعليم الابتدائي - الجزء الذي يتمحور حول ما إن كان ممكناً سرد قصة تاريخية كاملة حول العبودية والفصل العنصري مع الحفاظ في الوقت نفسه على فهم وطني واسع لتأسيس أميركا وتطورها. 
وفي هذا المقال، سأحاولُ الحديث عن الجزء المتعلق بكيفية تعليم درس العنصرية اليوم. ولعله النقاش الأكثر احتداماً، الذي يثير حماسة التقدميين ورد فعل غاضباً من المحافظين. 
مرة أخرى، أودُّ أن أبدأ بالحديث عما تريد النزعة التقدمية الجديدة تغييره. فأحد التغييرات يتعلق بمصطلحات باتت مألوفة على نحو متزايد، مثل العنصرية «البنيوية» و«العنصرية الموجودة في المنظومة»، ومحاولة تعليم موضوع العِرق بطريقة لا تشدّد فقط على القوانين والمواقف العنصرية بشكل صريح، ولكن أيضاً على كيف أن ماضي أميركا العنصري ما زال يؤثر في عدم المساواة اليوم. 
نظرياً، هذا التحول يفترض أنه يمكّن من نقاشات تتحاشى استخدام «عنصري» كاتهام شخصي- على اعتبار أن الفكرة هي أن الثقافة يمكن أن تحافظ على مظاهر عدم المساواة العرقية حتى وإن لم يكن معظم الناس متعصبين أو متحيزين. 
غير أن هذه الرؤية ستواجه مقاومة محافظة لا مفر منها لعدة اعتبارات: ومن ذلك أنها تُبالغ في تصوير التحديات التي تواجه الأقليات في أميركا اليوم، وأنها يبدو أنها لا تشدّد على المسؤولية الشخصية، وأنها تشير ضمنياً إلى ردود سياسية «محاصصة عرقية، تعويضات» تُعتبر تمييزية عنصرياً، ويمكن الحجاج بأنها منافية للدستور، ومهدِّدة للطبقة الوسطى البيضاء. 
غير أن الادّعاء البسيط بأن العنصرية البنيوية موجودة لديه أدلة قوية تدعمه، وفكرة أن المدارس ينبغي أن تدرِّس هذا الموضوع بطريقة ما ربما تُمثل حجةً رابحةً بالنسبة للتقدميين (ذلك أن قرابة نصف جمهوريي الجامعات أيدوا، في استطلاع حديث للآراء، تعليم الطلبة كيف أن «أنماطاً من العنصرية مترسخة في القانون ومؤسسات أخرى»)، خاصة لأن ليس كل تطبيق للتشخيص العنصري البنيوي ينطوي على استنتاجات يسارية بخصوص السياسات: فالحركة المناهضة للإجهاض وحركة حرية اختيار مدرسة الأبناء، على سبيل المثال، تشيران دائماً إلى تأثير العنصرية التقدمية الماضية على معدلات الإجهاض المرتفعة لدى الأميركيين الأفارقة ومدارسهم العامة ضعيفة الأداء. 
غير أن ما يؤجّج معارك اليوم حقاً هو أن التشخيص البنيوي العنصري لا يقدَّم وحده، وإنما يُربط بنظريتين كاسحتين حول كيفية محاربة المشكلة التي يخوض فيها. 
فأولاً، هناك نظرية جديدة للتعليم الأخلاقي ترى أن الطريقة الفضلى للتعاطي مع انعدام المساواة الموجود في المنظومة إنما تكمن في مواجهة المستفيدين البيض بامتيازاتهم وتشجيعهم على مواجهة خطاياهم. 
وثانياً، هناك رؤية  للسياسات العامة تَعتبر أن كل عمليات صنع السياسات إما عنصرية أو مناهضة للعنصرية، وأن كل مظاهر انعدام المساواة العرقية هي نتيجة للعنصرية - وأن تقييم أي نتيجة على نحو لا يرقى إلى الإنصاف الكامل إنما هي شكل من أشكال العنصرية البنيوية نفسها. 
الفكرة الأولى مرتبطة بروبن دي أنجيلو، أما الثانية، فبإبرام إكس. كندي. وتلتقي الفكرتان في أماكن مثل أعمال تيما أوكون، التي تدرّب محاضراتُها المعلِّمين على رؤية «ثقافة التفوق البيضاء» على أرض الواقع في المعايير التقليدية للتحصيل الأكاديمي. 
الأشياء التي تشجّع عليها هذه الأفكار تتخذ أشكالاً مختلفة في مؤسسات مختلفة، ولكنها عادة ما تتمحور حول هدفين متشابهين: أولاً، محاولة استخدام برامج التعليم العنصري من أجل بناء شعور أقوى بالهوية البيضاء المشتركة، على أساس فكرة أن جعل الأميركيين من أصل أوروبي ينظرون إلى أنفسهم على أنهم يميَّزون بـ«بياض» سام سيؤدي إلى تطهيرها. وثانياً، تفكيك المعايير التي تُظهر مظاهر عدم مساواة عرقية، وذلك استنادا إلى نظرية مفادها أنه إذا توقفنا عن استخدام أقسام خاصة بالموهوبين أو اختبارات موحدة، فإن مظاهر التفاوت التي ستكشف عنها لن تبقى مهمة. 
بيد أنه ينبغي تأكيد أن هذين الهدفين لا ينبعان بالضرورة عن نظرية العنصرية البنيوية. بل إن الفكرة الأولى تمثّل خيانة للفكرة الرئيسية التي تقوم عليها النظرية: إنه يمكن أن تكون لديك «عنصرية من دون عنصريين»، وذلك من خلال محاولة زيادة الشعور بالذنب العنصري الفردي بشكل مقصود. والثانية تُمدّد التحليل البنيوي إلى مستوى يتجاوز ما يستطيع تحمله، وتنقله إلى منطقة يشرح فيها التفوقُ الأبيض على ما يفترض نجاحَ الأميركيين الآسيويين في امتحانات «سات» (التي يُعد اجتيازها بنجاح شرطاً من شروط القبول في عددٍ من الجامعات الأميركية).
ولكن تحديداً لأنها لا تنبع من تصورات متواضعة ويمكن الدفاع عنها للعنصرية البنيوية، فإن التقدميين الأذكياء في وسائل الإعلام كثيراً ما يركنون إلى تلك التصورات المتواضعة عندما يواجهون تحديات من المحافظين، من دون أن يعترفوا بأن التصورات المشكوك فيها تمثّل جزءاً كبيراً من الأشياء التي تضخِّم الجدل وتؤدي إلى تشريعات جمهورية مشكوك فيها رداً على ذلك. 
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز» 
: https://www.nytimes.com/2021/07/03/opinion/antiracist-education-history.html