إن التاريخ مرآة تضيء الحاضر والمستقبل. في عام 2021 الذي يُعد عاماً استثنائياً في تاريخ البشرية، تُلاقي الذكرى الخمسين لتأسيس الإمارات العربية المتحدة، الذكرى المئوية لتأسيس «الحزب الشيوعي الصيني»، بما يبعث بأضواء لامعة تنير التاريخ، ويضع منارة للحكمة تلهم المستقبل.
على مدى العقود الخمسة الماضية، احتشد الشعب الإماراتي وراء قادة الإمارات وعلى رأسهم الأب المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وحقق إنجازات تنموية مرموقة. تحولت الإمارات من الصحراء وقرى الصيد إلى أهم مركز للتجارة والتمويل والشحن الجوي في منطقة الشرق الأوسط، وظلت تلعب دوراً ريادياً في تطوير التكنولوجيا المتقدمة العالمية، بما يسجل «أرقاماً قياسية عالمية»، ويخلق «معجزات الصحراء» واحدة تلو الأخرى. في السنوات الأخيرة، عزم قادة الإمارات على تعزيز التحول الاقتصادي، حيث «نظروا إلى الأعلى» بإطلاق «مسبار الأمل» بنجاح معلنا بداية عصر الإمارات في استكشاف الفضاء الخارجي، و«نظروا إلى السفلى» بإنشاء وتشغيل أول محطة نووية سلمية في العالم العربي، مما أسهم في تحفيز التنويع الاقتصادي في «عصر ما بعد النفط». كما اعتبر الشيخ زايد الانفتاح والتسامح والتعايش أساس قيام الاتحاد قائلاً: «العالم بما فيه من الدول ما هو إلا مجموعة من الأسر المتجاورة، وإذا حسنت العلاقة بين الجار والجار وكان شعارها الأخوة والتسامح شاع الأمن والاستقرار». تظل الإمارات تحرص على إعلاء مفهوم السلام والانفتاح والتنوع والتسامح، وتفتح أبوابها لشعوب العالم بغض النظر عن الاختلافات العرقية والدينية والثقافية، بحيث يعيشون ويعملون فيها في وئام وانسجام وطمأنينة، مما حقق حلم الشيخ زايد بإنشاء «نموذج عالمي للتسامح والتعايش».
على مدى العقود العشرة الماضية، حقق الشعب الصيني تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، الاستقلال الوطني والازدهار الوطني والسعادة والرفاهية، وسلك على الطريق الرحب للنهضة العظيمة. منذ العصر الحديث، لم تنجح في تغيير الوضع المأساوي للصين المتمثل في تراكم الفقر والضعف والإذلال، كل من حركة التغريب التي أطلقتها طبقة ملاك الأراضي الإقطاعيين، والإصلاحات التي قامت بها الطبقة الرأسمالية، والنظام الملكي الدستوري والنظام البرلماني متعدد الأحزاب ونظام الحكم «الجمهوري» الرئاسي. إن الحزب الشيوعي الصيني هو الذي تولى بكل جرأة مهمة شاقة فشلت كافة القوى السياسية في تأديتها، وغير بشكل عميق اتجاه ومسار تنمية الصين، ومصير ومستقبل الأمة الصينية واتجاه ومعادلة تنمية العالم على حد سواء. أما اليوم، فقد قفز إجمالي الناتج المحلي للصين إلى 14.7 تريليون دولار بزيادة أكثر من 1000 مرة مقارنة مع ما كان عليه في أيام تأسيس الدولة، لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم يشكل 17% من الاقتصاد العالمي وتتجاوز نسبة مساهمته في الاقتصاد العالمي 30% لسنوات متتالية. في نفس الوقت، نجحت الصين في القضاء على الفقر المدقع والفقر الكلي الإقليمي في عام 2020، إيماناً بالرخاء المشترك بكونه مكمن فلسلفة التنمية، حيث قطعت الطريق في العقود الماضية الطريقَ الذي استغرقت الدول الغربية مئات السنين لقطعه، الأمر الذي مكّن جميع أبناء الشعب من عيش حياة سعيدة وطيبة، وقدم مساهمة تاريخية عظيمة للمجتمع البشري. قد أصبحت الصين حالياً أكبر دولة في العالم من حيث التصنيع وتجارة السلع واحتياطي العملات الأجنبية، وستواصل السعي من أجل سعادة الشعب الصيني ونهضة الأمة الصينية والتنمية المشتركة للعالم، حرصا على تقديم المزيد من «الحلول الصينية» بالحكمة الصينية لإصلاح نظام الحوكمة العالمية. 
في ظل التبادلات التي تجاوزت حواجز المكان والزمان، كانت تربط بين الصين والإمارات المعاملات الأمينة والمصاحبة المخلصة على طريق الحرير القديم، والمشاركة في السراء والضراء في النضال من أجل الاستقلال الوطني، والتضامن والتساند في مسيرة بناء الوطن. وعليه، يشترك البلدان اليوم في التطابق بين مبادرة «الحزام والطريق» التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ ومبادرة «إحياء طريق الحرير» التي طرحها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والتلاقي بين أهداف «المئويتين» للصين وخطة الإمارات المئوية 2071، والتوافق بين الحلم الصيني لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية والحلم الإماراتي لبناء أفضل دولة في العالم، والتجانس بين مبادرة «بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية» التي طرحها الرئيس شي ومفهوم التسامح والتآلف الذي يدعو إليه قادة الإمارات. 
بفضل الإرشاد الاستراتيجي لقيادتي البلدين، تعمقت الثقة السياسية المتبادلة وتكثفت الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى وأُثمرت نتائج التعاون الاقتصادي والتجاري وازدهر التواصل الثقافي والإنساني، وأصبح التعاون في مكافحة جائحة نقطة ساطعة جديدة في علاقات البلدين. بوجه جائحة كورونا التي جاءت فجأة، تشاطرت الصين والإمارات في السراء والضراء، مما وضع نموذجا عالميا يحتذى به للتضامن والتآزر في مكافحة الجائحة. الجدير بالذكر أن البلدين أجريا المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح الصيني المعطل ضد فيروس كورونا، التي سجلت أرقاما قياسية عالمية عدة. أما خط تصنيع وإنتاج اللقاح الصيني في الإمارات الذي قد بدأ تشغيله، فيدل على دخول تعاون البلدين في مكافحة الجائحة إلى مرحلة جديدة.
في الوقت الراهن، تعيش علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والإمارات أفضل مراحلها تاريخيا. تعد الإمارات من دول الشرق الأوسط التي تتمتع بأكثر أوجه التعاون مع الصين عمقاً واتساعاً وإثماراً، وأصبحت نموذجا للاحترام المتبادل والصداقة البراغماتية والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك بين الصين والدول العربية والإسلامية. في عام 2020، وصل حجم التجارة بين البلدين إلى 49.3 مليار دولار بزيادة تقدر بـ 1.13%، بما يبرهن على المرونة والإمكانات القوية التي تكمن في تعاون البلدين في مجال الاقتصاد والتجارة. في سياق آخر، يتقدم برنامج «تعليم اللغة الصينية في مائتي مدرسة إماراتية» الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بخطوات متزنة، حيث قد أدخلت 118 مدرسة اللغة الصينية في المناهج الدراسية. تم افتتاح المدرسة الصينية في دبي باعتبارها أول مدرسة صينية رسمية في الخارج، وتخطيط إنشاء المركز الثقافي الصيني في أبوظبي بشكل مطرد، بالتوازي مع تعميق التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الجينية والرعاية الطبية والصحة والزراعة الحديثة وغيرها من التقنيات المتقدمة. في أكتوبر هذا العام، ستستضيف دبي أول معرض إكسبو يقام في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، حيث سيُعرض الجناح الصيني الذي أطلق عليه «نور الصين». في فبراير عام 2022، ستستضيف بكين الدورة الـ24 للألعاب الأولمبية الشتوية، ما جعلها أول مدينة في العالم تستضيف كلا من الألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية في تاريخ الأولمبياد. تحدونا الثقة بأن الحدثين الكبيرين سيكونان فرصة مهمة لتعميق الصداقة الصينية الإماراتية، بما يدشن مسرحا يبشر بمستقبل مشترك للبشرية في «عصر ما بعد الجائحة».
يقول المثل الصيني «الوقت يجب ألا يُضيع، والفرص يجب ألا تفوت». في التقاطع التاريخي لـ«اللقاء الجميل» بين الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني والذكرى الخمسين لتأسيس الإمارات العربية المتحدة، نقوم باسترجاع الذكريات لاستعراض الإنجازات الماضية واستشراف الآفاق المستقبلية، حيث سنبذل جهوداً مشتركة في تسجيل صفحة جديدة ورسم مشهد جديد لتنمية وتعاون البلدين في العقود الخمسة حتى العشرة القادمة. وأنا السفير الصيني لدى الإمارات، أشارك كل الأصدقاء المهتمين بتنمية البلدين ومستقبل علاقاتهما، في بذل جهود أكبر متطلعا بكل محبة إلى مستقبل أكثر إشراقا للبلدين، ومتمنياً للبلدين الازدهار والرخاء ولشعبي البلدين السعادة والرفاهية ولصداقة البلدين والشعبين التطور والتوطد!

*سفير جمهورية الصين الشعبية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة