المرأة العربية والمسلمة كرّمها الله وصان حشمتها وكرامتها ومكانتها عبر العصور، بنصوص واضحة وصريحة وثابتة ومعروفة. وديننا الإسلامي الحنيف حفظ كافة حقوق النساء، وشرع قواعد وأنظمة، وتضمَّن نصوصاً لا تقبل الشك أو التأويل أو التدليس أو التزييف. وزاد من حصانة الأنثى، وأضفى على صورتها الكثير من الوقار والحشمة والكرامة والكبرياء والأنفة والشرف والعزة. إلا أن بعض المتنطعين والمدعين والمشككين، والمولعين بتزييف الحقائق وتشويه المواقف والثوابت، ممن يزايدون على الدول والمجتمعات، وعلى المرأة نفسها، يدعون وجود مظلمة للمرأة الخليجية، حتى في ظل دولنا المعاصرة التي ضمنت للمرأة، وبمن في ذلك المقيمة والزائرة، حريةً واسعةً واحتراماً وتقديراً كبيرين قد لا تجد لهما مثيلاً في كثير من الدول الأخرى. وهناك كذب وافتراء وظلم وإجحاف إلى حد التملق والتزلف باسم فقدان المرأة حقوقها وحريتها، وهو ما يجافي حقائق الواقع الماثلة للجميع! المرأة هي الزوجة والجدة والأم والبنت والأخت والعمة والخالة والحماة..

ومن عادات وتقاليد أهل الخليج العربي احترام الكبير والعطف على الصغير، ذكراً كان أم أنثى، وهو ديدن وسلوك وتربية وعادات وتقاليد أبناء المنطقة. إنها خصالهم وموروثاتهم وطباعهم الأصيلة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، وهي جزء ثابت من أدبهم وخلقهم المتوارث على مر العصور؛ من الأجداد والآباء إلى الأبناء والأحفاد.. لجعل كرامة المرأة واحترامها وحصانتها رمزاً لكرامة الرجل وهيبته. ونحن في دول الخليج العربي ليس لدينا دُورٌ للعجزة نرمي فيها بالكبار من الآباء والأمهات والجدود والجدات، كما هو حاصل في كثير من دول العالم الأخرى، ومن يفعل ذلك من الخليجيين يُعَدُّ فعله شاذاً ومنفراً ومرفوضاً من قبل المجتمع الخليجي الذي يحترم المرأة، ويقدس مكانتها ويحثها على العفة والشرف.

إنها ثقافة خليجية عربية إسلامية أصيلة وكريمة ومميزة، متوارثة وذات خصوصية نادرة ومتفردة وراسخة. وكل قصائد الشعر ونصوص الأدب في منطقتنا الخليجية تحض على احترام المرأة وتقديرها واحترام رمزيتها وتقدير مكانتها ودورها وخصوصيتها، وذلك من دلائل النخوة والشهامة والعزة.. حتى إن بعض علية القوم في بلداننا يتَسمَّون بأسماء المرأة مثل: إخوان نورة أو إخوان شمة أو إخوان مريم .. نبراساً وناموساً ودليل كرامة وشرف وشموخ واعتزاز بالمرأة.

وقبل المطالبات والضغوط على بعض دولنا الخليجية من قبل الغير، ممن يعتبرون حرية المرأة هي الحرية المطلقة، أي التمرد على التقاليد والعادات والأهل والزوج.. يجب التوقف عند ما يشاع ويقال ويُكتب من اتهامات باطلة وكاذبة ومزيفة حول تهميش المرأة أو عدم تمكينها أو حرمانها من حريتها كاملةً، بل ادعاء النيل من حقوقها.. فكل ذلك كذب وزيف وافتراء وإجحاف.

قبل هذا وذاك، كانت المرأة الخليجية، وما تزال، تنافس الرجل في المناصب الكبيرة والوظائف المرموقة، والوظائف المحترمة والمعتبرة والمحتشمة والدرجات العالية، وكانت مبدعةً وبارعةً ومؤثرةً في الميادين جميعاً.. مما يبين زيف الكثير من الدعاوي حول حرمان المرأة من حريتها في مجتمعاتنا.

ومع احترامنا لكل الوظائف والمهن والحرف، إلا أن جميع الوظائف التي شغلتها المرأة كانت مهمةً ورائدةً ومؤثرةً في صون كرامتها واحترامها وفي الحفاظ على حشمتها، كما كانت تليق بها وبمكانتها. وقد استمرت إرادة تمكين المرأة وتم الحفاظ على المعنويات عاليةً، وذلك حمايةً للحشمة وصوناً للوقار والحياء والهيبة، بعيداً عن أي سباق نحو أهداف ضعيفة من أجل مجرد الظهور والحضور على حساب كينونة المرأة واحترامها ومكانتها الاعتبارية المهيبة ذات السمعة الطيبة.

*كاتب سعودي