من المسلَّم به، والحقيقة التي لا يمكن للشمس أن تحجبها، أننا نعيش في عالم تكنولوجي بجدارة، إذ أصبح العالم الرقمي عموداً فقرياً لإدارة شؤون الدول، وتقديم الخدمات وتسهيلها. ومن المسلَّم به أيضاً أن رقمنة الحياة سلاحٌ ذو حدين، فتطورها السريع نهض بالدول على الصُّعد كافة، لكنّ من شأنه تدميرها وتشويهها، أو حتى إبادتها بِزِرٍّ واحد. 
من هنا، درج مصطلح «الأمن السيبراني». فمع ظهور أنماط جديدة من الجرائم، تتّسم بالاختراق والتسلل داخل النظم المعلوماتية، بغرض تدميرها أو نهب معلوماتها السرية، وبسبب توالي هذه الجرائم ووصولها إلى أروقة صُنّاع القرار، دقّ ناقوس الخطر الدولي، فحشدت الدول طاقاتها ومواردها للاتحاد في سبيل مجابهة ما بات يُعرف بـ«الآفة العابرة للقارات»، أو ما يسمى «الجرائم السيبرانية». 
ونظرًا لاستيعابها خطورةَ المشهد، ومدى أهمية التصدي له، قرّرت تصدُّره، لتصبح دولة الإمارات رائدة عالميًّا في مستويات الوعي بأهمية الأمن السيبراني، وتبوأت المركز الخامس دولياً في اتخاذ الطرق المتقدمة كافة لحمايته.
وفي ضوء هذا الإنجاز الوطني، الذي تكلفت مسيرة الوصول إليه جهودًا كبيرة، قال سعادة الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، إن «القفزة الكبيرة لدولة الإمارات وتقدمها إلى 33 مركزاً، لتصل إلى المركز الخامس عالميًّا في مؤشر الأمن السيبراني، هي نتاج التوجيهات السديدة والرؤى الاستشرافية للقيادة الرشيدة بإنجاز بنية تحتية رقمية متطورة تواكب طموحات دولة الإمارات للأعوام الخمسين المقبلة».
اهتمام الدولة بمجال الأمن السيبراني ليس وليد اللحظة، إذ كانت سبّاقة في إنشاء مجلس الأمن السيبراني، وتنفيذ شبكة إلكترونية اتحادية، وإنشاء السحابة الوطنية، وإطلاق مبادرات في السلامة الإلكترونية، وشهادة المواطنة الرقمية، وإطلاق استراتيجيات الأمن السيبراني والإلكتروني.
تربّعُ دولة الإمارات ضمن المراكز الأولى عالمياً، في مجال الأمن السيبراني، لم يكن ليحدث لولا تكاتف الكوادر الوطنية المؤهّلة، والتعاون والتنسيق اللذان انتُهِجا بين المؤسسات الحكومية والخاصة، لرفع راية الدولة، والظفر لها بمكانة عالمية في مختلف المجالات على مستوى العالم، وهو ما ترمي قيادة الدولة الرشيدة إلى استدامته والحفاظ عليه. 
بهذا الإنجاز الإماراتي، الذي يدخل سجلاً بات يضم ما لا يُعدُّ ولا يحصى من إنجازات وأرقام قياسية تركت العالم في دهشة، تسير دولة الإمارات بخطى ثابتة، وإرادة ونظرة ثاقبة، نحو وجهتها المعهودة: الارتقاء والتميّز، لتبقى عنواناً للريادة، ونموذجاً للتطور والتقدم، في ظل بيئة عمل ذكية متكاملة تتمتع بالأمن والأمان.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.