يوماً تلو الآخر تبدو الكرة الأرضية أمام تهديد حيوي كفيل بإنهاء حياة الإنسان على الأرض. وقد جاء تقرير أعده خبراء من الأمم المتحدة الأيام القليلة الماضية ليشير إلى أن التغير المناخي سيتمكن من تدمير الحياة، كما نعرفها حالياً على كوكب الأرض في غضون ثلاثة عقود على أقصى تقدير، لا سيما بعد أن يبدأ البشر في معاناة حقيقية جراء شح المياه، ونزوح الملايين، ما سيولّد حروباً بين الشمال والجنوب، عطفاً على سوء التغذية من جراء الجفاف والتصحر، وبالتالي ندرة المحاصيل.

المخيف أن التقرير الأخير الذي حصلت وكالة الأنباء الفرنسية على نسخة منه، ينذر بأن تعافي الكوكب الأزرق يكاد يكون أمراً غير ممكن، وإن قال البعض إنه تحذير على أعلى مستوى، بهدف تنبيه الخليقة إلى الخطر الداهم الرابض خلف الأبواب. هل باتت مسألة التغير المناخي قضية علمية فقط، أم أنها طرح إيماني أيضاً يهم أتباع الأديان التوحيدية، وكذا الوضعية من غير تفريق؟ من المعروف أن البابا فرنسيس، يعد من أكثر الأصوات التي ارتفعت منذ أن ارتقى منصب البابوية، للتنبيه بقضية التغيرات المناخية، وقد أصدر رسالة خاصة في هذا السياق تحت عنوان، «كن مسبحاً»، تهتم باستنقاذ كوكب الأرض.

لم تتوقف جهود، «البابا الأخضر»، كما يطلق على الحبر الأعظم، بل استمرت اللقاءات والندوت، وذهب بعيداً جداً في تصريحاته تجاه أُمنا الأرض، وحتمية الوعي بالمصير المأساوي المرتقب. في هذا الإطار يجئ الإعلان عن حدث جديد مرتقب في حاضرة الفاتيكان خلال شهر أكتوبر المقبل، عنوانه «علم وإيمان»، سيسبق مؤتمر «غلاسكو» حول المناخ..ماذا عن ذلك اللقاء؟

باختصار، هو تجمع لنحو 40 قائداً دينياً من أنحاء العالم، من مختلف الملل والنِحَل، والطوائف والمذاهب، انطلاقاً من أن الأرض هي أم الجميع، وأن أية اختلالات جوهرية تحدث على سطحها، لن تستثني أحداً من الساكنين على ظهرها.التجمع لن يقتصر على رجال الدين، بل سينضم إليه نحو عشرة علماء مناخ.

والتساؤل المطروح الذي سيشغل أعمال اللقاء هو، أي نوع من الحياة نريد أن نعيش على سطح الكرة الأرضية خلال العقود القادمة؟ يطرح رجال الدين والعلماء رؤية استشرافية واسعة عن أي عالم نريد أن نترك للأجيال المستقبلية خلال العقود القادمة، وسيناقشون المسائل البيئية والاجتماعية معاً.

هل من تعارض بين الإيمان والعلم؟ فكرة اللقاء تعني بأن هناك توافقاً وتكاملاً وليس تعارضاً، وباتت مساهمة العلم والإيمان معاً الطريق الوحيد للخلاص من غضبة الطبيعة الساحقة الماحقة. إنه زمن المصالحة بين العلم والإيمان لمصلحة الإنسان.

* كاتب مصري