تمثل ميليشيات «الحوثي» أهم عوامل زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي، فهي تقف وراء الأوضاع المنفلتة التي تشهدها المناطق التي تسيطر عليها في اليمن، والتي تمثل بدورها فرصة لعودة التنظيمات المتطرفة والإرهابية، كـ«داعش» و«القاعدة» وتعزيز نفوذها في اليمن مجدداً، ليس هذا وحسب، بل هناك شواهد على أنها تتعاون مع هذه التنظيمات وتنسق معها في هذه المرحلة التي تتوافق فيها مصالحهما. في الوقت ذاته، تواصل ميليشيات «الحوثي» انتهاكاتها للقانون الدولي باستهداف المدن السعودية والمنشآت المدنية من مطارات ومنشآت نفطية من خلال الاستخدام المكثف للطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، وتكشف الإحصاءات والبيانات التي أعلنها تحالف دعم الشرعية في اليمن قبل أيام عن حجم الانتهاكات التي قامت بها هذه الميليشيات خلال السنوات الماضية، وطبيعة التهديد الذي تشكله على الأمن والاستقرار في المنطقة، فقد قامت بإطلاق 372 صاروخاً باليستياً و659 طائرة مفخخة تجاه المملكة العربية السعودية، و75 زورقاً مفخخاً و205 ألغام بحري و96292 من المقذوفات، وذلك في دليل واضح على أنها تمتلك منظومة متنوعة ومتطورة من الأسلحة، حصلت عليها بدعم إيراني واضح، كما تشير إلى ذلك العديد من تقارير الأمم المتحدة، التي توضح أن هذه الأسلحة وخاصة الصواريخ والطائرات المسيرة تتشابه في خصائصها مع أنظمة الأسلحة المماثلة المصنعة في إيران.
الخطر الآخر الذي تشكله ميليشيات «الحوثي» يتمثل في تهديدها من حين لآخر لخطوط الملاحة البحرية والتجارة العالمية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب باستخدام الزوارق المفخخة وزرع الألغام، ومن ثم تعمد الإضرار بالاقتصاد العالمي، وذلك في انتهاك واضح للمواثيق والقوانين الدولية. ووفقاً لأحدث تقارير إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن البحر الأحمر يمثل أهمية كبيرة للاقتصاد العالمي، حيث يعد ممراً لنحو سبعمائة مليار دولار أميركي من التجارة الدولية كل عام، ويضم ثاني أهم ممر في العالم وهو مضيق باب المندب، الذي تمر منه غالبية صادرات النفط الخليجي بما يقارب 5 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة، تجاه أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، ومن ثم فإن أي تهديد لحركة الملاحة في البحر الأحمر من شأنه أن يحدث أضراراً كارثية بالتجارة الدولية وأمن الطاقة العالمي. 
إضافة إلى ما سبق، فإن جماعة «الحوثي» فشلت في اختبار السلام، وأهدرت مختلف الفرص التي أتيحت لها خلال السنوات الماضية، وتأكد للجميع أنها ليست سوى أداة في أيدي إيران تحركها لتحقيق أجندتها في المنطقة، وتوظفها ضمن أوراقها التفاوضية مع الولايات المتحدة في ملف الاتفاق النووي، ولعل هذا يفسر مواقفها المتصلبة من مختلف مبادرات وقف إطلاق النار والتسوية السياسية. 
لقد تعاملت جماعة «الحوثي» باستهانة واستعلاء واضحين مع الجهود التي يقودها مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن مارتن غريفيث للقبول باتفاق وقف إطلاق النار، وتمسكت بشروطها المسبقة لذلك، سواء تلك الخاصة بفتح مطار صنعاء للرحلات التجارية أو دخول شحنات الوقود إلى ميناء الحديدة، كما تجاهلت الدعوات الدولية الصادرة من العديد من دول العالم في الآونة الأخيرة، والتي تطالبها بوقف الأعمال المزعزعة للاستقرار فورًا، والانخراط بشكل بناء في العملية السياسية لإنهاء أزمة اليمن، لتؤكد بالفعل أنها غير معنية بالسلام ولا بمصلحة الشعب اليمني، الذي يواجه أوضاعاً صعبة على الصعد كافة.
إن الخطر المتصاعد الذي تشكله ميليشيات «الحوثي» على الأمن والسلم الإقليمي والدولي لا يمكن الصمت عليه أو تجاهله من جانب المجتمع الدولي، ليس فقط لأنه يشجعها على التمادي في ممارساتها العدائية السابق الإشارة إليها، وإنما أيضاً لأنه ربما يبعث برسالة سلبية للميليشيات الطائفية والمسلحة المنتشرة في العديد من دول المنطقة، ويجعلها تتبنى نفس السلوك الذي ينتهك القانون الدولي ولا يقيم وزناً للسيادة الوطنية للدول، والنتيجة هي تفاقم حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة. 
لقد آن الأوان كي يتعامل المجتمع الدولي بمنظور مختلف مع ميليشيات «الحوثي»، والتحرك لممارسة ضغوط حقيقية عليها، بل وتصنيفها على قائمة التنظيمات الإرهابية، وفرض عقوبات عليها، حتى تنصاع لمبادرات الحل السياسي وتتوقف عن سلوكها العدائي، لأن استمرار الصمت على انتهاكاتها وممارساتها ستكون تكلفته عالية على أمن واستقرار المنطقة بأكملها. 

* إعلامي وكاتب إماراتي