مع بدء انتشار عمليات الإغلاق على امتداد العالم العام الماضي، أرسل المستثمر الرأسمالي «هرنان كازاه» رسالة مشؤومة لمحفظته المالية من الشركات التكنولوجية الناشئة في أميركا اللاتينية، مفادها «قلصوا الكلفة وحافظوا على النقد»، فيما اعتقد «كازاه» أنه سيكون مسعى مستبسلاً للنجاة من الجائحة. والآن، وبعد ما يزيد قليلاً على عام، أصبح كازاه أقل اهتماماً بشأن البقاء في المشهد التكنولوجي الصاعد في المنطقة من اهتمامه بكيفية إنفاق مليار دولار من النقود جمعته شركته للتو. وبدلاً من تقليص الأنشطة الاقتصادية الناشئة، عززت عمليات الإغلاق مبيعات شركات التكنولوجيا مع لجوء المستهلكين إلى هواتفهم للقيام بكل شيء، من طلب الطعام إلى القيام بالنشاط المصرفي عبر الإنترنت، لأن انتشار «كوفيد-19» أبقى الناس في المنازل بينما كان الفيروس يحصد ضحاياه.
وكان كازاه وشريكه نيكولاس زيكاسي قد أسسا، قبل عقد من الزمن، شركة «كازيك فينشرز» الرأسمالية بعد أن تركا عملاق التجارة الإلكترونية «ميركادو ليبرا». واستثمرت الشركة بالفعل في مجموعة مشروعات ناشئة تبلغ قيمتها مليار دولار أو أكثر. ومع تكشف فصول الجائحة، وجدوا فرص استثمارات كثيرة تظهر أمامهم، مما دفعهم إلى تطوير الخطط شهرياً لجمع أموال جديدة لاستخدامها في الاستثمارات في المشروعات الناشئة في السنوات القادمة، بحسب قول كازاه في مقابلة هذا الشهر. والنتيجة كانت أكبر جولة استثمارات رأسمالية في تاريخ أميركا اللاتينية، في علامة أخرى على انطلاق المنطقة من حالة الركود إلى إقليم صاعد لمستثمري التكنولوجيا في العالم. 
وقال كازاه: «بداية الجائحة كانت مروعة. تعين على الشركات إعادة تقييم وتعديل نفسها. ثم مر شهر ونصف، ورأينا العكس. فقد واصل الطلب تزايده وتسارع كثيراً ثم ظهرت أفكار استثمار كثيرة وعظيمة حقاً لم نرغب في إهمالها». صحيح أن أميركا اللاتينية كانت واحدة من أكثر المناطق تضرراً من الجائحة في العالم، لكن هذا لم يضر تقريباً بإيقاع النشاط الاستثماري. فقد أبرم المستثمرون العام الماضي عدداً قياسياً من الصفقات وضخّوا أكثر من أربعة مليارات دولار في المشروعات الناشئة للعام الثاني على التوالي، وفقاً لـ«اتحاد استثمار رأس المال الخاص» في المنطقة. ويقدّر الاتحاد حجم الاستثمارات في الربع الأول من العام بأكثر من ملياري دولار.
وجمعت «كازيك» 475 مليون دولار تعتزم إنفاقها على مشروعات ناشئة في مراحلها المبكرة و525 مليون دولار في صندوق سيخصص إلى حد كبير للشركات التي ضخت فيها بالفعل استثمارات. وذكر كازاه أن الطلب على أسهم الصناديق فاق المتاح منها مرات كثيرة مع تدفق الطلب من أنحاء العالم بما في ذلك الاهتمام القوي من مؤسسات آسيوية وأيضاً من مستثمرين من أميركا اللاتينية. وجامعة ويزليان بولاية كونتيكت وصندوق «سيكويا هيريتيج» الاستثماري الذي مقره كاليفورنيا من بين المستثمرين. وهناك داعمون آخرون لم يتم الكشف عنهم. 
وقد يكون سجل الشركة الجيد في انتقاء المشروعات الرابحة من أسباب انتعاش الطلب على أسهم مشروعاتها، مع وجود تسع شركات ناشئة تزيد قيمتها على مليار دولار في محفظتها المالية. ومن هذه المشروعات تشير «كازيك» إلى الاستثمارات في بنك «نوبانك» لتكنولوجيا التمويل البرازيلي الذي تقدّر قيمته بنحو 30 مليار دولار بعد تلقي استثمارات من شركة «بيركشير هاثاواي» التي يملكها المليادير الأميركي وارين بافيت، ومنصة «كافاك» لبيع السيارات المستعملة في المكسيك، وشركة العقارات «كوينتو اندار». وذكر كازاه أن شركته ستستهدف، بما لديها من أموال جديدة، شركات تلعب فيها التكنولوجيا دوراً أساسياً. ويتوقع كازاه أن تواصل تكنولوجيا التمويل نموَّها وأيضاً التجارة الإلكترونية وشركات التعليم. وأضاف كازاه أن الشركة تتطلع إلى شراكات عبر أميركا اللاتينية، لكنها ستركز على البرازيل والمكسيك وكولومبيا. 
ويتوقع كازاه أن يجري طرحٌ عامٌ أوليٌ لأسهم «شركات كثيرة» من محفظة «كازيك» المالية في البورصة خلال السنوات المقبلة، بعد أن شهد فترة نجاج رائعة في عمليات الطرح العام الأولي للأسهم في سوق الأسهم البرازيلية. ومضى يقول إنه مع كل محفظة مالية تكونها، تشهد الشركة «مجموعة كبيرة من الشركات» التي تبيع أسهمها بسعر الكلفة أو تخسر استثماراتها. ثم مضى يقول: «في النهاية إذا كنت تجمع محفظة مالية مصحوبة بالنجاح فحسب، فهذا يعني أنك لا تتنكب ما يكفي من المخاطر. فحين نكون محفظة مالية تضم 20 أو 30 شركة، ربما يكون لدينا، إذا حالفنا الحظ، حفنة من الرابحين الكبار».

عزرا فيزر
صحفي متخصص في الاقتصاد مقيم في العاصمة الكولومبية بوجوتا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»