يأمل «ديمقراطيو» مجلس النواب تمرير مشروع قانون الرئيس جو بايدن للبنية التحية بحلول 4 يوليو، لأنهم يأملون ذلك طبعاً. ويريد فريق بايدن البعث برسالة واضحة من خلال إضفاء نبرة وطنية على مبادراته الاقتصادية.
فأولاً، كانت هناك «خطة الإنقاذ الأميركية»، والآن لدينا «خطة الوظائف الأميركية» الممولة من خلال «خطة (صنع في أميركا) الضريبية». ولمَ لا؟ فالترامبية، كانت في جزء منها تتعلق بجاذبية القومية الاقتصادية، وبالتالي، فمن المنطقي محاولة انتزاع تلك الجاذبية باسم السياسات الجيدة. كما أن ذلك يمثّل أيضاً دفاعاً استباقياً ضد الهجمات «الجمهورية» الحتمية، فدونالد ترامب، ندد بخطة بايدن المتعلقة بجباية ضرائب الشركات باعتبارها «خيانة عولمية كلاسيكية». ولكن لا، إن كلامه مردود وغير منطقي. غير أن هناك أشياء أكثر من مسألة التسويق.
فسياسات بايدن الاقتصادية تقوم، بشكل تقريبي، على الاستثمار العام واسع النطاق الممول من خلال ضرائب تصاعدية جداً. وهذان الشيئان أميركيان خالصان. بيانات إدارة بايدن الخاصة ببرنامج البنية التحتية تشير إلى جزء من ذاك التاريخ، حيث تقول: إن الخطة «ستستثمر في أميركا بطريقة لم نرها منذ أن بنينا شبكة الطريقة السريعة الرابطة بين الولايات وفزنا في سباق الفضاء».
وبالفعل، فمن إحدى النواحي، يمثّل برنامج بايدن محاولة لإعادة إحياء تقاليد دوايت آيزنهاور - يعني أنه من الناحية المالية، سيمثّل عودة جزئية إلى عهد آيزنهاور، عندما كان لدينا استثمار حكومي أعلى بكثير كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي مما لدينا الآن، وكذلك معدلات ضرائب أعلى بكثير على الشركات والأفراد ذوي الدخل المرتفع.
ويذكر هنا أن فترة استثمار «الحكومة الكبيرة» والضرائب المرتفعة على الأغنياء تزامنت مع أعظم جيل للاقتصاد الأميركي - عقود ارتفاع مستويات المعيشة بشكل سريع عقب الحرب. غير أن قصة الاستثمار العام والضرائب التصاعدية في أميركا تعود إلى أبعد من الخمسينيات. ذلك أننا اعتمدنا على الاستثمار الحكومي في البنية التحتية من أجل إعادة إطلاق النمو الاقتصادي منذ إنشاء «قناة إيراي» بين 1818 و1825.
وخلافاً للقنوات المملوكة للخواص التي انتشرت في بريطانيا القرن 18، فإن «قناة إيراي» أنشئت من قبل حكومة ولاية نيويورك، بتكلفة 7 ملايين دولار.
وقد لا يبدو هذا مبلغاً كبيراً، ولكن الاقتصاد حينها كان أصغر بكثير، والأسعار أكثر انخفاضاً بكثير من اليوم.
وكنسبة من الناتج المحلي الخام للولاية، ربما كانت القناة المعادل لمشروع وطني بقيمة تريليون دولار اليوم. وقد استمر الدور العام الكبير في البنية التحتية عبر الأجيال. إذ استُخدم منح الأراضي في دعم بناء السكك الحديدية والتعليم العالي.
وبنى «تيدي روزفيلت» قناة بنما. وأوصل فرانلكن روزفيلت الكهرباء إلى المناطق الريفية. وبنى آيزنهاور شبكة الطرق السريعة. وبالتالي، فعندما يندد «الجمهوريون» بـ «خطة الوظائف الأميركية» باعتبارها «رحلة إنفاق اشتراكية خارجة عن السيطرة»، تذكر أن الاستثمار العام واسع النطاق هو الطريقة الأميركية. والشيء نفسه يمكن أن نقوله عن مقترحات بايدن الضريبية.
والواقع أنه بالنظر إلى تكلفة الاقتراض المنخفضة جداً، فإنه من غير الواضح ما إن كنا سنحتاج إلى زيادة في الضرائب إذا كان الإنفاق على البنية التحتية هو نهاية القصة. ولكننا سنحتاج إلى مزيد من العائدات من أجل تمويل كل برنامج بايدن، الذي يتوقع الجميع أن يشمل في الأخير موجة أخرى من الإنفاق تستهدف الأسر؟ وبالتالي، فمن المنطقي ربط زيادة الضرائب بخطة الوظائف، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن تمويل الاستثمارات العامة من خلال الضرائب على الشركات والأغنياء يزيد من الدعم العام لخطة البنية التحتية، وأن شيئاً وفق الخطوط العريضة لمقترحات بايدن سيحظى بتأييد كبير من قبل الأميركيين. ولا شك أن «الجمهوريين» سينددون بفكرة فرض ضرائب على الأغنياء باعتبارها حرباً طبقية منافية للقيم الأميركية. غير أن هذه الضرائب تمثّل في الواقع تقليداً قديماً آخر في هذا البلد. وكما يحلو للاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي أن يقول، فإن أميركا عموماً هي التي اخترعت الضرائب التصاعدية. ماذا عن قول ترامب، إن زيادة ضرائب الشركات هو شكل من أشكال العولمة الشريرة؟ الادعاء هنا هو أن إلغاء بعض من قانون خفض الضرائب لعام 2017 سيدفع الاستثمارات والوظائف إلى خارج الولايات المتحدة، ادعاء قد لا يخلو من بعض المصداقية لو أن ذاك الخفض دفع الشركات متعددة الجنسيات إلى إعادة الاستثمارات والوظائف إلى أميركا. ولكنه لم يفعل.
وعملياً، كان خفض ترامب لضرائب الشركات بمثابة تبرع على المساهمين، من دون أن يحقق أي فوائد مرئية للاقتصاد الأوسع. وما دام أننا نتحدث عن العولمة، فمن الجدير ذكره هنا أن الأجانب يمتلكون نحو 40% من الأسهم الأميركية. وختاما، سيكون وينبغي أن يكون هناك نقاش طويل حول تفاصيل خطة بايدن الخاصة بالإنفاق والضرائب خلال الأشهر القليلة المقبلة. غير أنه في شكلها الواسع، تمثّل الخطة عودة من تطرف السوق الحرة الذي طغى على السياسات الأميركية خلال السنوات الأخيرة، إلى تقليد أقدم: ألا وهو التقليد الذي كان سائداً خلال سنوات أعظم نجاح اقتصادي لأميركا.


*أكاديمي أميركي حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/04/01/opinion/biden-infrastructure.html

  3262688