قد يبدو عنوان مقالنا اليوم غريباً وهو يلامس حال الأمة العربية في تباعدها السياسي والاجتماعي والإنساني الذي تشهده حالياً. والمؤكد أنه إذا وجدت الإرادة والعزم اللازمين للنهوض بالعالم العربي من كبوته، فإنه بلا شك سوف تولد أمة عربية حقيقية يصبو إليها الجميع في هذا الوطن العربي الكبير. ولا شك في أن حال العالم العربي يدمي العين ويكسر القلب بسبب ما نراه ونشهده يومياً من تشرذم داخلي وخارجي ومن أياد خفية تعمل على زيادة التمزق النفسي والاجتماعي. ويمكننا القول بأن مقدرات وإمكانات هذا العالم العربي، إذا ما قدّر له الاستفادة الحقيقية منها، فإنها يمكن أن تخلق معجزات وبدون مبالغة. ولعلنا نذكر هنا أمثلة، منها تجربة توحد العالم العربي في حرب 1973 عندما أثبتت العرب مدى قوتهم إذا ما اتحدوا مع بعضهم البعض وقرروا التكاتف والتضامن للنهوض بأوضاعهم من جديد. 

وتتمثل تطلعات الشعوب العربية حالياً في تجاوز الخلافات ووضعها جانباً، أي تأجيلها إلى وقت لاحق، وذلك بالتنازل المنطقي من قبل الجميع، في سبيل النهوض من مستنقع الخلافات الجزئية والارتهان له.

ولا شك في أن المرحلة الحالية من تاريخ العالم هي مرحلة التكتلات والتجمعات الإقليمية والعالمية الكبرى، مما يفرض على الدول العربية التكاتف فيما بينها والتضامن مع بعضها البعض ضد المخاطر التي تهدد كياناتها، حيث نرى الآن دولا عربية تواجه مخاطر وجودية بسبب التدخلات الأجنبية في غياب التضامن العربي.

إذا استمر حال التضامن العربي على ما هو عليه، فإن العالم العربي على موعد مع تغيرات تراجيدية خلال السنوات العشرين القادمة، حيث ستتلاشى كثير من ملامحه التي نعرفها الآن. 

إن الخطر الذي يواجهه العالم العربي خطر كبير للغاية، وهو يأتي في لحظات خارجة عن التاريخ، بمعنى أن العرب قد يفاجؤون بأحداث تفوق تصور الجميع وتوقعاته، وذلك على غرار اضطرابات «الربيع العربي» التي كانت إنذاراً أو مؤشراً مبدئياً على ما قد يحدث مستقبلا في ظل حالة التشرذم العربي.
وختاماً نقول باختصار: لا بد للعالم العربي من التفكير جدياً في الأخطار فائقة الجسامة التي تواجهه، إذا ما أراد الحفاظ على هويته وعلى شيء من تماسكه خلال السنوات والعقود القادمة.

*كاتب كويتي