لا بد أن تشهد خريطة العالم تحالفات جديدة وتغييراً في التحالفات التقليدية، فالعالم لم يعد كما كان ولا بد من التغيير، خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد وتكتلاته الكبرى، فحتى تلك التي كانت تسمى القوى العظمى سيختلف مدى تأثيرها وحتى قوتها مع ظهور أقطاب جدد في هذا العالم ونمو اقتصادات ناشئة حديثة، فلم يعد نظام القطب الواحد فعالاً. ومن المعروف أن الثقل العالمي مرتبط بقوة الاقتصاد، وهناك مخاوف من الاقتصادات الكهلة التي باتت مصدر قلق لدول عدة. على سبيل المثال شهدت أوروبا، القارة العجوز، خلال الفترة الماضية تأثراً كبيراً جراء وباء كورونا على كافة المستويات، خاصة الاقتصادية. ولعل ما فعله هذا الوباء هو أنه كشف الترهلات الأوروبية التي عززتها أزمات اقتصادية للدول الأعضاء. وجاء «البريكست»، أي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ليكشف هشاشة العديد من التحالفات الأوروبية وحتى العالمية.
كلنا نعرف حلف «الناتو» الذي ترهل هو أيضاً ولم يعد فعالاً، فالخلافات بين دول الحلف على أشدها، حتى أن دولاً كألمانيا وفرنسا قد طرحت بدائل لهذا الحلف الذي يضم الولايات المتحدة التي سبق أن شككت هي أيضاً بجدواه في عهد الرئيس السابق ترامب. ولعل ما أبقى هذا الحلف حياً حتى الآن هو تهديدات روسيا والذاكرة الجمعية لدول الحلف. وليس بعيداً عن «الناتو»، كلنا نعرف دول مجموعة السبع التي تضم أقوى سبع اقتصادات في العالم، هي الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة، لكن هذه المجموعة تلقى انتقادات كثيرة باعتبارها تنتمي لعصر مضى، وهناك دول قوية اقتصادياً استطاعت فرض نفسها على الخريطة العالمية مثل الصين والهند والبرازيل، لكنها ليست أعضاء في هذه المجموعة.
الدول الأوروبية لم تعد كما كانت، فهي تشيخ بسرعة، حتى أن تصنيف المدن الأوروبية لما يعد كما كان. وحسب مجلة «ذي إيكونوميست» فإن مدناً أسترالية ونيوزيلندية ويابانية صعدت للمقدمة وانحسرت مدن أوروبية كأفضل مدن للعيش في العالم. وهذا مجرد مثال تقريبي لبعض التغيرات البسيطة التي تشهدها تحليلات الخبراء فيما يتعلق بمستوى المعيشة في «القارة العجوز». وهناك دول أوروبية اقتربت من الإفلاس وواجهت تحديات حقيقية في زمن جائحة كورونا، وما زالت تواجه تحديدات اقتصادية جمة. وكل ذلك يؤكد أن الثقل الاقتصادي لم يعد يتركز فقط في تلك الدول وتلك التكتلات والتحالفات. 
إن الاقتصاد الشاب النامي هو الذي سيصعد ويأخذ مكانه بجدارة، لذلك ينبغي البحث عن تحالفات جديدة تجمعنا في المنطقة، لنشكل قوى شابة نامية قادرة على التأثير. فهناك دول قادرة على صنع الفارق في منطقتنا، وعلى أقل تقدير جوانب اقتصادية وربما علمية وتنموية وفي مستويات متعددة. كما ينبغي البحث عن تحالفات مع الدول التي تنمو اقتصاداتها بشكل كبير، وهي دول لديها فرص اقتصادية وعلمية وعسكرية قد تشكل فرصة لتحالفات جديدة على الساحة العالمية.
وفي الإمارات لدينا تجربة تنموية فريدة فرضت نفسها خلال عقود قصيرة، حيث حققنا نهضة تنموية يشار إليها بالبنان خلال فترة قصيرة. فرؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قد تحققت، والعالم يشهد بمنجزاتنا الكبرى في كافة المجالات، حيث أصبحت مدن الإمارات تتحول إلى مراكز إشعاع عالمي، وتستقطب الحالمين من مختلف الدول ليشاركوا في نهضتنا، مما يعكس قدرة الإنسان الإماراتي على تحقيق المستحيل من خلال فكر القيادة ورؤيتها للمستقبل. فنحن الآن نسابق النجوم وقد وصلنا إلى المريخ ومستمرون في منجزاتنا، ولا بد من دعم تحالفاتنا عبر خلق فرص جديدة بما يسهم في نهضتنا ونهضة البشرية وخلق توازنات لصالح هذا العالم.


*كاتب إماراتي