تفخر دولة الإمارات العربية المتحدة بإنجازاتها، خلال الأعوام الخمسين الماضية، لتُقبل على خمسين عاماً جديدة بإصرار على تحقيق المزيد من المنجزات، وخصوصاً في القطاعات المتقدمة التي تستخدم التقنيات التكنولوجية الرائدة، وتصنع من خلالها فارقاً علمياً ونوعياً، يسهم في تحقيق الفائدة المرجوة، ويمكّنها من اكتساب معارف ومهارات تخدم البشرية في المجالات كافة.
وفي هذا السياق، برز اسم دولة الإمارات عالياً في تحقيق منجزات استثنائية، أهمها قطاع الفضاء، وهو ما تمثّل في إطلاق «مسبار الأمل» لاكتشاف المريخ، المسبار المصنوع بأيدٍ إماراتية خالصة، واستطاع أخيراً التقاط آلاف الصور للكوكب الأحمر ضمن مهمته العلمية، إذ كشفت حصة المطروشي، نائبة مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ للشؤون العلمية، أن أجهزة المسبار العلمية الثلاثة التقطت ما يزيد على 144 ألف صورة حتى مطلع يونيو الجاري.
تلك الصور التي التقطها المسبار تدخل في إطار المهام العلمية للفريق الذي يصل عدد أعضائه إلى 37 متخصصاً وخبيراً يجتمعون أسبوعيًّا لمناقشة البيانات وتحليلها، استعداداً لمهمة المنصة العلمية التي ستبدأ مطلع أكتوبر المقبل، بإطلاق أول حزمة بيانات للمجتمع العلمي، وصولاً إلى تسجيل بيانات شاملة حول الغلاف الجوي للمريخ في أوقات مختلفة من اليوم، وعبر مواسم الكوكب المختلفة، وتوفير صورة شاملة تكشف التغيرات المناخية التي تحدث له. 
«مسبار الأمل»، الذي تستمر مهمته لمدة عامين، هو إنجاز جاء ليؤكد للعالم أن دولة الإمارات تتمتع بأعلى مستويات العزم على تحقيق رؤيتها في أن تصبح ضمن الدول الرائدة في مجال الفضاء، وفق نهج يعتمد على الابتكار، ويقود الدولة لتعزيز مكانتها المتقدمة في مؤشرات التنافسية العالمية، لاسيما في أنشطة الفضاء التي تركز على تطوير كوادر إماراتية تمتلك فضلى المهارات والمعارف، مما يؤهلها لقيادة سباق التطور نحو الأعوام الخمسين المقبلة، ضمن خطط وبرامج تصنع للأجيال مستقبلاً مستداماً من الرفاه والازدهار.
إن دولة الإمارات، القادرة على سبر أغوار الفضاء، لم تكن لتحقق كل هذا التقدّم لولا رؤيتها العميقة في وضع خريطة طريق علمية وتكنولوجية، تتماشى مع الطموحات الوطنية التي فتحت الباب واسعًا لصناعة مشروعات مبتكرة، وسط بيئة تنافسية تشجع أصحاب المواهب والمبدعين، وطنياً وعربياً، على تقديم أفكار مبتكرة في العديد من المجالات، وأبرزها برنامج «نوابغ الفضاء العرب»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في يوليو 2020، لتدريب الشباب العربي في برامج وتقنيات الفضاء، وتأهيل جيل جديد من العلماء يسهم في «استئناف جزء من حضارتنا العلمية»، كما قال سموه.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.