يستهل الرئيس الأميركي جو بايدن أولى زياراته للخارج، منذ أن أصبح رئيساً للولايات المتحدة، بالانضمام إلى الزعماء في قمة الدول الصناعية السبع الكبرى في كورنويل بالمملكة المتحدة وباجتماعه مع الملكة إليزابيث في قلعة «ونزور». ثم يحضر اجتماعاً لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسيل يوم 14 يونيو. ويوم الأربعاء، 16 يونيو، يعقد أول قمة له مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جنيف. وكل هذه الاجتماعات مهمة، لكن الاجتماع بين بوتين وبايدن له أهمية خاصة، نظراً للتدهور الشديد الذي بلغته علاقات روسيا بالغرب. 
وينصب تركيز اجتماع مجموعة السبع على الأزمة الصحية العالمية وتحديداً جائحة «كوفيد-19». والقضية الكبيرة التي تواجه الدول الغنية الكبرى التي تشارك في الاجتماع هي كيفية مساعدة المليارات من الناس الفقراء في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية الذين مازال الفيروس يهدد حياتهم والذين يقيمون في بلدان أنظمتها الصحية غير ملائمة للغاية لمواجهة الوباء. وهذا ينطبق بشكل خاص على الافتقار إلى اللقاحات وأنظمة التوزيع لتوصيلها. ويتوقع أن يعرض بايدن تقديم ملايين الجرعات للدول الفقيرة، نظراً للنجاح النسبي الذي حققه البرنامج الأميركي الخاص بإعطاء اللقاحات لنحو 140 مليون أميركي حتى السادس من يونيو الجاري. وستكون قمة السبع التي لم يعد الروس يدعون لها، فرصة جيدة لعدد من المشاركين للترحيب ببايدن بعد غياب دونالد ترامب الذي لم يكن يروقهم. وهناك فرصة لتجديد التعهدات المتبادلة بشأن التعاون والدفاع المشترك. 
وبالمثل ستكون قمة «الناتو» مناسبة للترحيب ببايدن من الدول الصديقة في الغالب. وستكون القضايا الأصعب، المتعلقة بروسيا وروسيا البيضاء وأوكرانيا، فرصةً لإظهار تضامن الحلف ضد السلوك الروسي. ومصدر الإحراج الوحيد في قمة «الناتو» يتمثل في حضور تركيا، العضو في الحلف المتورط في خلافات مع باقي الأعضاء. ويجتمع بايدن مع الرئيس التركي أردوغان بشكل منفرد لمناقشة قضايا الشرق الأوسط وغضب أميركا من تركيا بسبب شرائها صواريخ «إس-400» الروسية المتقدمة التي تمثل تهديداً لأسطول «الناتو» من الطائرات المقاتلة. 
وهناك قضايا أخرى كثيرة مهمة محل نقاش بين تركيا والولايات المتحدة، مثل موقف أردوغان من إسرائيل، واعتقاد الرئيس التركي بأن الولايات المتحدة غير متعاونة بالمرة في محاولات العثور على المسؤولين عن محاولة الانقلاب ضده في 15 يوليو 2016 واعتقالهم. وأردوغان غاضب بشكل خاص من تصريح بايدن الذي أعلن فيه، يوم 24 أبريل الماضي، أن الفظائع التي ارتكبتها الدولة العثمانية ضد الأرمن في الحرب العالمية الأولى ترقى إلى مستوى «التطهير العرقي». ولم يسبق لرئيس أميركي من قبل أن وصف ما حدث للأرمن على يد العثمانيين بهذا الوصف. 

ويمكن النظر على نحو ما إلى المواجهة مع أردوغان باعتبارها تدريباً على المقابلة مع بوتين في جنيف. فمنذ أن أدى بايدن اليمين الدستورية في 20 يناير، اتبع الرئيس «الديمقراطي» نهجاً أكثر عداءً بكثير تجاه بوتين مقارنة بالنهج الذي اتبعه ترامب الذي نُظر إليه باعتباره متهاوناً تجاه تصرفات بوتين ولم ينتقد الرئيس الروسي قط. ففي 17 مارس، ورداً على سؤال بشأن الهجمات التي يتعرض لها زعماء المعارضة الروسية، قال بايدن إن بوتين يمكن اعتباره «قاتلاً». وأثار هذا التعليق حنق الروس، ومنذئذ انخرط البلدان في تبادل التصريحات العدائية. واشتعل غضب الولايات المتحدة وكثيرين في الغرب من السماح لعصابات إجرامية من المقرصنين الرقميين بالعمل من روسيا والتورط في هجمات خطيرة ضد البنية التحتية للولايات المتحدة ودول أخرى مثل أنابيب الغاز وإمدادات الغذاء والمستشفيات.. مقابل دفع فديات في صورة عملات مشفرة.
وبعد الحصول على الفديات يتم تزويد الضحايا بكلمات سر ليستعيدوا بها عمل أنظمتهم التي تم شل حركتها. وتنظر الاستخبارات الأميركية إلى هذه الهجمات باعتبارها إرهاباً صريحاً تتعين معاملته بنفس الدرجة من الأهمية التي عوملت بها هجمات الحادي عشر من سبتمبر على الولايات المتحدة. ورغم قائمة الخلافات الطويلة والمعقدة، فإن هناك اتفاقاً بين بوتين وبايدن على ضرورة التركيز على قضايا يمكن الاتفاق حولها وربما العثور على وسائل للتعاون لحلها، بما في ذلك قضايا انتشار الأسلحة النووية ومخاطر تغير المناخ. وسيكون الاجتماع كذلك اختباراً للمهارات الدبلوماسية التي يتمتع بها الزعيمان لاختتام الاجتماع ببيان إيجابي مشترك. وسنعلم قريباً مدى نجاحهما في هذا. 

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونال انترست»