تحظى دور العبادة باهتمام كبير من قبل دولة الإمارات، ويشمل ذلك العديد من دور العبادة لأديان مختلفة انطلاقاً من نهج التسامح الذي تتبناه الدولة تجاه أتباع الديانات الأخرى، كما أنها تولي الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري للشعوب أهمية بالغة؛ لأن هذا التراث يشكّل الذاكرة الحية لهذه الشعوب، التي هي جزء من الذاكرة الإنسانية.
وفي العراق الشقيق، هبّت الدولة للحفاظ على التراث الثقافي والديني هناك بعد الضرر الكبير الذي أصاب هذا البلد بفعل الأيادي الآثمة لتنظيم «داعش» الإرهابي، إبان سيطرته على عددٍ من المناطق في العراق وسوريا، حيث تعهدت دولة الإمارات بتقديم أكثر من 50 مليون دولار لإعادة بناء التراث الثقافي في مدينة الموصل، بما في ذلك إعادة إعمار كنيستين مسيحيتين ومسجد النوري الذي يعود إلى القرن الثاني عشر، الذي دمره هذا التنظيم الإرهابي.
وقد أشادت الندوة الافتراضية التي نظمتها اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، يوم الخميس الماضي، بالدور الذي تقوم به دولة الإمارات لإعادة إحياء التراث العراقي، حيث أكد «إرنيستو أوتون» مساعد المدير العام لمنظمة «اليونيسكو»، أن «المنظمة» تعمل بتنسيق كامل مع دولة الإمارات في ما يتعلق بأعمال إعادة الإعمار التي لا تقتصر على المباني التراثية في الموصل فحسب، بل تشمل أيضاً إعادة إحياء روح هذه المدينة العراقية التاريخية. وقال إن المشروع الذي أطلقته المنظمة تحت شعار «إحياء روح الموصل» استطاع أن يُوحد جهود المسلمين والمسيحيين معاً لإعادة بناء المدينة، من خلال أعمال الإعمار والثقافة والتعليم. 
وفي الواقع، فإن حرص دولة الإمارات على إعادة إحياء التراث الثقافي في مدينة الموصل، إنما يجسد العلاقات الوثيقة التي تجمع الإمارات مع العراق، وهي العلاقات التي ظلت على الدوام نموذجاً يحتذى به لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الأشقاء العرب، كما أنه يعكس جهود الدولة المتواصلة لمساعدة العراق في تجاوز ما خلّفته حقبة تنامي نفوذ «داعش» من تأثيرات سلبية شديدة في مجمل المشهد الثقافي والحضاري لشعب العراق الشقيق.
ومما لا شك فيه أن هذا الدور المهم الذي تقوم به دولة الإمارات لإعادة إحياء التراث الثقافي والحضاري في مدينة الموصل، إنما يرسخ نهجها الخاص بالتسامح والتعايش، وهو ما ضمن لها مكانة متميزة على الساحة الدولية، الأمر الذي يعكس نفسه في العديد من المؤشرات، ومن أحدثها حصولها على عضوية اللجنة الدولية الحكومية لحماية وتعزيز أشكال التعبير عن التنوع الثقافي للفترة الممتدة بين (2021 و2025). 

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.