الواقع الراهن جزء من حركة التاريخ التحليلي، واللحظة الراهنة مرهونة بثلاثة سيناريوهات لتأسيس دولة فلسطينية مستقلة، تعيش جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل في أمن وأمان واستقرار واطمئنان.
سيناريو طويل الأمد وهو ما أشار إليه منذ فترة وزير الخارجية الأردني خلال محادثاته مع وزير الخارجية الإسرائيلي، أن لا بديل لحل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، على خطوط الرابع من يونيو 1967 لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل سبيلًا لتحقيق السلام. 
هذا الحل حتى اللحظة، هو إجماع عربي لم تتزحزح عنه أي دولة، لاسيما السلطة الفلسطينية.
السياسة الواقعية، تتعامل دائماً مع البحث الحثيث عن البدائل، وإلا ستبقى القضية المركزية للعرب معلقة وبلا بوصلة لعقود أخرى من الصراع حول الصراع ذاته وبلا أي معنى.
سياسة حل الدولتين، كذلك ممتدة إلى أميركا راعية السلام التي بدأت تنحاز لإسرائيل، ومع ذلك لم يتم إلى الآن، وإذا كان سيتم ولو بعد حين، فإن الزمن هنا في عالم المجهول.
وهذا رأي إدارة بايدن في حل الدولتين من خلال ما ورد على لسان وزير الخارجية الأميركي، حينما تحدث عن قريب مع وزير الخارجية الإسرائيلي. حيث تناول بلينكن خلال حديثه النهج الأميركي تجاه مستقبل أكثر سلاماً وأمانًا للإسرائيليين والفلسطينيين والشرق الأوسط. مشدداً على إيمان إدارة بايدن بأن حل الدولتين هو أفضل طريقة لضمان مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية تعيش إلى جانب دولة فلسطينية ديمقراطية. وتطلعات الفلسطينيين لقيام دولتهم المستقلة مشروعة، وندعو إسرائيل للتراجع عن أي تحركات تضر بحل الدولتين.
ولم تذهب روسيا بعيداً عن هذا الحل الوحيد، وقد أكد وزير خارجيتها على ذلك عندما ذكر بأنه لا بديل لحل الدولتين للخروج من الأزمة الفلسطينية.
نستطيع القول بأن هناك إجماعاً دولياً على هذا الطرح، ولكن مع ذلك لم يتحقق حتى اليوم لماذا؟!
ذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، نقلاً عن جدعون ساعر، عضو الليكود المنشق ورئيس حزب (الأمل الجديد)، قوله في تصريحات إعلامية إن مسألة حل الدولتين تمثل تهديداً واضحاً لإسرائيل، فضلاً عن تأييده المطلق لفرض السيادة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية.
إذاً هذا السيناريو عند المعارضة الإسرائيلية مرفوض، وعند الحكومة الحالية قيد المماطلة. 
السيناريو الآخر، هو دولة واحدة لشعبين، وهو ما لم يتحدث عنه العرب ولو نظرياً، بل في مرحلة من مراحل حدة الصراع وفي بعض الاجتماعات غير الرسمية، نصح بعض قادة العرب إسرائيل عدم الموافقة على ذلك لأن في باطنه عذاب لإسرائيل، ورحمة للفلسطينيين، كيف؟! أين مَواطن العذاب هنا للإسرائيليين في الدولة الواحدة سياسياً؟ وما هي الهواجس التي سوف تحيط بدولة إسرائيل الكبرى من جراء تنفيذ سياسة دولة واحدة لشعبين؟
هنا القنبلة «الديموغرافية» الفلسطينية حاضرة، ضد القنبلة «الذَرية»، وهو أمر مخيف بالنسبة لدولة يهودية جل مواطنيها من المهاجرين.
إذا صدقت إسرائيل بالديمقراطية من دون استخدام سلاح تجاه الشعب الفلسطيني، فلن تمر عشر سنوات على أقل تقدير، إلا وقد علا عرش إسرائيل رئيس فلسطيني وفق صناديق الاقتراع. 
أما السيناريو الأخير، فيتبناه من يعتقد بأن الصراع بين الطرفين صراع وجود وليس مسألة حدود، وهذا لا يعني اقتلاع اليهود من الأرض المقدسة، بل عودة السلطة بيد المسلمين وليس بيد السلطة الفلسطينية.
من خلال ذلك، نستشف بأن قضية فلسطين سوف تستمر بالدوران وفق أكثر من سيناريو على المستوى الدولي، لأن القدس هنا مركز الأديان التي ستوحد العالم من حولها.
* كاتب إماراتي