انضمت بعض الأسماء البرازيلية الجديدة إلى أصحاب الثراء الفاحش في العالم، والذين يعد صعودهم إلى الثروة في الأوقات العصيبة قصة أمة تمر بمرحلة انتقالية. لقد توفي المصرفي «جوزيف صفرا» العام الماضي، تاركاً ثروة هائلةً تقدر بـ17.6 مليار دولار، مما جعل من ورثته الأربعة مليارديرات. الآن لدى آل صفرا شركات كبرى، وهناك مجموعة من المهووسين ومحاربي الويب والمبتكرين بين القائمة العالمية للوافدين الجدد من الأثرياء. لقد ارتكبوا جرائم قتل، لكنهم أيضاً تمكنوا من تجاوز بعض المشاكل المزعجة في طريقهم للصعود.
ولطالما تكهن الخبراء والنقاد حول كيفية قيام ساحر السوق بإعادة ابتكار هذا العملاق الأميركي الجنوبي غير المتوازن من الأسفل إلى الأعلى. وفي ظل المعدلات الهائلة لعدم المساواة في الدخل بين البرازيليين ورأسمالية المقربين، لم يكن تحصيل الثروة سهلاً على الإطلاق، ولكن قد يكون هناك أمل في المحاولة.
وبينما جمع آل صفرا الثروة بالطريقة القديمة، أي من بيع الذهب للإمبراطورية العثمانية إلى تدليل أصحاب الملايين، فإن الوجوه الجديدة في القمة هم جزء من اقتصاد ناشئ مبني على التكنولوجيا الرقمية ويغذيه عملاء من الطبقات المهملة، مع دفعة من الوباء والإصلاحات التي طال انتظارها.
لقد قام تجار التجزئة بنشر تطبيقات وخوارزميات لبيع بضاعتهم. وبفضل شركة «لويزا ماجازين»، إحدى أكبر شركات البيع بالتجزئة في البرازيل، والتي نجحت منصتها القوية للتجارة الإلكترونية «ماجولو ماركيت بليس» في دفع العلامة التجارية إلى الصدارة، وكذلك دور عائلة «تراجانو» المسيطرة في نادي المليارديرات، ارتفعت المبيعات عبر الإنترنت خلال الوباء، وباتت تمثل الآن ما يقرب من 69% من الأرباح.
تحول «جيلهيرم بينشيمول» من العمل في عدة وظائف وتكوين شركة ناشئة غير مجدية في عام 2001 إلى إنشاء شركة «إكس بي للاستثمار»، وهي الآن أكبر شركة سمسرة في البرازيل. ومع اصطفاف مديري الثروات التقليديين في الطابق العلوي، نزلت شركة «بينشيمول» إلى السوق، لتغازل بقوة عملاء الطبقة الوسطى الذين لديهم مدخرات ضئيلة وأمل واضح في الوصول لأكبر البيوت المالية. وبعد طرحها للاكتتاب العام الأولي في ديسمبر 2019، أصبحت شركة «إكس بي»، والتي لديها 2.3 مليون عميل، في الخطوط الأمامية المالية ليبلغ صافي ثروة بينشيمول 10 أرقام.
أضف إلى تلك المجموعة الجديدة من أصحاب المليارات شركاء «ستون باجامينتوس»، وهي شركة مدفوعات رقمية، ساعدت منصتُها في فض نادي الوسطاء الذين استحوذوا على معالجة مدفوعات بطاقات الائتمان وبطاقات الخصم. وأصبحت الشركة، التي كانت محبوبة من مستثمري التكنولوجيا، من أصحاب المليارات في عام 2018، مع طرح عام أولي بقيمة 1.5 مليار دولار.
ربما يكون أكبر الرابحين في الاقتصاد الشعبي الناشئ في البرازيل هو الوفرة المتزايدة للبنوك القائمة على الويب فقط والتي تجذب العملاء بعيداً عن البنوك التقليدية. في العام الماضي، سجلت العشرات من البنوك الرقمية (البرازيل لديها أكثر من 770 شركة تكنولوجيا مالية) 67 مليون حساب جديد. ويأتي بعض العملاء من غير المتعاملين مع البنوك، لكن معظمهم من المتحولين عن المقرضين التقليديين الذين أصابهم الإحباط بسبب الرسوم الباهظة والخدمة غير المريحة والوقوف في الطابور داخل البنك. وأفضل هذه البنوك هو بنك «نبنك» ومقره ساو باولو، والذي يضم أكثر من 35 مليون عميل، أي أنه تجاوز «بانكو سانتاندير» الذي مثل 15% من جميع التحويلات المصرفية في ديسمبر الماضي، كما تجاوز «بانكو براديسكو» ثاني أكبر بنك في البرازيل. وليس من المستغرب أن ينضم «ديفيد فيليز»، الرئيس التنفيذي لشركة «نبنك»، المولود في كولومبيا، إلى نادي المليارديرات البرازيليين.
تساعد الشركات الناشئة في دفع الابتكار، لكنها بحاجة إلى دعم من الجهات التنظيمية. وقد أخبرني خبير التكنولوجيا المالية «برونو دينيز» أنه «لا فائدة من امتلاك التكنولوجيا فقط. فالسوق المالي يحتاج إلى قواعد للسماح بالتغييرات». ولحسن الحظ، يدير «روبرتو كامبوس نيتو» البنك المركزي البرازيلي، الذي يعمل بروح أسلافه ذوي التفكير المستقل حول مجرى سياسة برازيليا لتبسيط القواعد وإلغاء الحواجز أمام المشروع.
أحد الابتكارات هو الخدمات المصرفية المفتوحة، وهي ترتيب لمشاركة البيانات بين المقرضين لمساعدة العملاء على مقارنة الخدمات المالية، وبالتالي تعزيز المنافسة في السوق. وهناك طريقة أخرى هي «آلية الحماية التنظيمية» التي تخلق مساحة آمنة لاختبار نماذج الأعمال التي لم تتم تجربتها وترخيصها بعد ذلك. وأدت سياسة المدفوعات الفورية في البرازيل إلى تطبيق «بيكس»، وهو تطبيق دفْع من دون رسوم يسمح بمبادلة الأموال في الوقت الفعلي بنقرة على شاشة تعمل باللمس، وقد تجاوز في غضون ستة أشهر فقط القنوات المصرفية التقليدية القائمة على الرسوم. وقال دينيز: «بهذه المبادرات التنظيمية، سنرى لاعبين ماليين جدداً والمزيد من الاندماج الاقتصادي».
وجود قاعدة أوسع من العملاء تعني اقتصاداً أقوى. بسبب انخفاض أسعار الفائدة والعائدات الهائلة على المدخرات التقليدية والحالة السيئة من الحجر المنزلي بسبب الوباء والتي تركت الناس لشاشاتهم، طرق مستثمرون من أصحاب المليون لأول مرة البورصة البرازيلية العام الماضي. وبعد أن أهملهم سماسرة الأسهم، أصبح هؤلاء المستثمرون من ذوي الدخل المنخفض الآن عملاء مهمين في مجال التكنولوجيا المالية. يقول دينيز: «البلدان ذات معدلات عدم المساواة الكبيرة هي فرص في السوق».


*كاتب متخصص في قضايا أميركا اللاتينية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»