سيكون الرابح الأول من المواجهات بين حركة «حماس» وإسرائيل هو رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وذلك على الرغم من كل الانتقادات الموجهه له في إدارة المشهد، والذي فشل قبل بدء المواجهات في تشكيل حكومة جديدة، بعد أن تعثر مخططه بالذهاب إلى حكومة من قاعدته اليمينية. الآن يمكنه أن يعيد تقديم نفسه للرأي العام الإسرائيلي على أنه رئيس وزراء قوي رفض أي مقترحات بالتهدئة أو تقديم تنازلات لوقف المواجهات قبل أن يتمم أهدافه، ويفرض شروطه، خاصة وأنه تبني خطاباً تصعيدياً قائماً على عدة أسس، الأول: الانتقال من موقف رد الفعل الذي حاول منافساه الكبار «نفتالي بينت» و«يائير لبيد» محاصرته وتطويق مسارات حركته إلى الفعل من خلال العودة مرة أخرى للتنسيق مع «نفتالي بينت» رئيس حزب «يمينا»، ومع رئيس حزب «اليهودية اليمينية» بتسلئيل سموترتش، ليبني كتلة من تيار اليمين تضم 59 نائباً على أن ينضم جدعون ساعر زعيم حزب «الأمل» لتكون الحكومة قوية. هذا السيناريو كان مطروحاً وفشل من قبل. 

الأساس الثاني: غلق الباب أمام دخول (القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية) برئاسة منصور عباس لكي توقف مناوراتها في اتجاه قاعدة اليمين وإحباط مخططها الراهن، إذ تتحرك «القائمة» في اتجاه كل من (بينت/ لبيد)، ما قد يؤدي نظرياً إلى التوصل لحكومة جديدة، قد تكون البديل الحقيقي عن حكومات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وإفشال مخططه في الاستمرار في الحكم تخوفاً من تقديمه للمحاكمة بصورة عاجلة، وبالتالي سيحارب معركته الأخيرة لغلق الباب أمام أي خيارات مطروحة، خاصة أن توقيت التكليف المتاح للتشكيل المقابل غير ممتد، وهو ما سيعمل لصالح نتنياهو، ويخدم خطابه الحزبي القائم على ضرورة تشكيل حكومة تضمه مع «لبيد وساعر وبينت»، وبالتالي تكون حكومة قوية ومستمرة ولن تتعرض لأي هزة حزبية.
الأساس الثالث: الاتجاه إلى انتخابات خامسة للحسم الأخير، وسيحتاج الأمر إلى أربعة أشهر للتحضير، والاستعداد، وبالتالي سيبقي نتنياهو في موقع رئيس الوزراء بل وقد يناور لتشكيل حكومة إنقاذ وطني، أو حكومة وحدة وطنية لعدة أشهر، ولحين التوصل لحل نهائي، وسيكون منطلقه أن إسرائيل ما تزال تواجه بتحديات داخلية صعبة، وأن بقائه يتطلب عدم الانغماس في الواقع الحزبي في ظل هذه الظروف الصعبة خاصة أن حكومة تضم عرب لن تكون قادرة على مواجهة ما سيجري في مواجهات مرتقبة بصرف النظر عن إمكانية التوصل لتهدئة جديدة، ولاعتبار أن الملف الأمني له الأولوية على أي ملفات أخرى مع وقف المهاترات الحزبية الراهنة، والتوجه إلى انتخابات جديدة فقط، وكبديل على رئاسة الحكومة. وفي المقابل سيكون أمام«لبيد» أكثر من أسبوعين ليحسم خياراته تكون فيها المواجهة مع قطاع غزة قد حُسمت. ووقتها سينفتح المشهد على مصراعيه، بما في ذلك توجيه انتقادات لنتنياهو بالفشل في إدارة المواجهة، وإظهاره أمام الرأي العام أنهه يوفر الحماية للشعب الإسرائيلي، وليس كما يروج إعلام ليكود والميديا التابعة لرئيس الوزراء نتنياهو. 

* أكاديمي متخصص في العلوم الاستراتيجية والسياسية