أعلنت إدارة بايدن أنها ستسحب جميع القوات العسكرية من أفغانستان (بخلاف القوات اللازمة لحماية دبلوماسيينا) بحلول 11 سبتمبر. لا شك في أن بوتين استحسن القرار. يثير هذا سؤالا مثيرا للاهتمام في القرن الحادي والعشرين (سؤال مألوف للمسؤولين ورؤسائهم في عصر الجائحة): متى نحتاج إلى التواجد فعليا في جميع أنحاء العالم، ومتى يمكننا العمل عن بُعد؟
في حالة ألمانيا، يكون وجود القوات هو تعبير عن التضامن مع الحلفاء وتحذير لروسيا، التي تحشد قواتها مرة أخرى لتهديد أوكرانيا. وقد أوضح وزير الدفاع «لويد أوستن»، عند إعلانه عن انتشار القوات الأميركية في ألمانيا، أن «هذه الزيادة المخطط لها في عدد الأفراد الأميركيين تؤكد التزامنا تجاه ألمانيا وتحالف الناتو برمته». وأضاف: «ستعزز هذه القوات الردع والدفاع في أوروبا. وستزيد أيضا من قدراتنا الحالية لمنع الصراع، وإذا لزم الأمر، القتال والفوز». ومن ناحية أخرى، رحب أوستن «بالانتشار البحري القادم لألمانيا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ»، والذي اعتبره «علامة ملموسة على التزام ألمانيا بمشروع الاستقرار ودعم النظام الدولي القائم على القواعد».
لا يزال التمركز الأمامي للقوات الأميركية والقوات الحليفة يلعب دوراً حاسماً، خاصةً عندما يكون الهدف من الانتشار هو جذب انتباه القوى العالمية العدوانية . من المهم أنه إلى جانب نشر القوات، فإن الولايات المتحدة قد مارست بعض القوة الناعمة الجادة في إصدار عقوبات جديدة كبرى ضد روسيا. لكن القوات هي عنصر من عناصر ردع العدوان الروسي، لكنها بالتأكيد ليست العنصر الوحيد.
صحيح أننا لا نستطيع أن نكون في كل مكان في جميع أنحاء العالم -ولا ينبغي لنا أن نكون كذلك. لكن، ما لا نعرفه هو ما إذا كانت لدينا بدائل مناسبة. كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، فإنه على الرغم من استعداد القوات الأميركية لمغادرة أفغانستان، فإن «البنتاجون ووكالات التجسس الأميركية والحلفاء الغربيين يقومون بتنقيح خطط لنشر قوة أصغر لكنها لا تزال فعالة في المنطقة لمنع البلاد من أن تصبح مرة أخرى قاعدة ارهابية». ويشمل ذلك فحص الأماكن القريبة حيث يمكننا «إعادة تمركز القوات، ربما في طاجيكستان وكازاخستان وأوزبكستان المجاورة، وفقا لمسؤولين أميركيين».

هناك قلق مشروع بشأن ما إذا كان بإمكاننا إجراء عمليات مكافحة الإرهاب من بعيد أو، كما اقترح البعض، سحب القوات الأفغانية للتدريب في مكان آخر. تشير صحيفة التايمز إلى أن «تاريخ مثل هذه العمليات له سجل مختلط بالتأكيد. فضربات صواريخ الكروز التي تم إطلاقها من سفن بعيدة ضد أهداف إرهابية في أفغانستان لم تحقق نجاحا يذكر». قد لا يكون استخدام الطائرات من دون طيار أو إرسال قوات أمن لشن غارة معينة بديلا مناسبا عن وجود قوات على الأرض. وقد علق الرئيس بايدن يوم الخميس بعبارات عامة للغاية، قائلا «سنواصل تقديم المساعدة لقوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية». ولكن من غير الواضح إلى أي مدى سيتحقق ذلك.

وكتب زميلي في صحيفة واشنطن بوست والمؤرخ العسكري «ماكس بوت»: «سيكون من الصعب على الولايات المتحدة إجراء عمليات مكافحة الإرهاب عبر الأفق لأنها لن تسمح برؤية التهديد: فالانسحاب العسكري الأميركي يعني أيضا انسحاب العديد من أفراد المخابرات». ويضيف أنه «حتى لو تم اكتشاف التهديدات، فسيكون من الصعب القضاء عليها – لأنه من المحتمل أن تكون الضربات الجوية بعيدة المدى غير دقيقة وأن تكون العمليات التي تقوم بها قوات الكوماندوز محفوفة بالمخاطر».

سنكتشف ما إذا كانت القوات البعيدة قادرة على اكتشاف عودة ظهور الإرهابيين واتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء عليهم. ومع ذلك، يجب أن ندرك أنه حتى في أفضل السيناريوهات على سبيل المثال، وجود المعلومات الاستخبارية القوية التي تساعد في اكتشاف ومنع الإرهابيين، الذين لديهم القدرة على مهاجمة الولايات المتحدة، من إعادة تجميع قواتهم)، فإن العمل على بناء حكومة مستقرة وحماية حقوق المرأة سيصبح صعبا للغاية.
ومن خلال سحب قواتنا، سنترك شعب أفغانستان إلى حد كبير لأجهزته الخاصة للحفاظ على سلامة البلد، ووجود حكومة فعالة، ومجتمع لا يعود إلى الحكم الأصولي. للقيام ببعض المهام، عليك حقا القيام بذلك شخصيا.

* كاتبة أميركية 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»