منذ أن كشف الرئيس جو بايدن عن خطته للبنية التحتية البالغة تريليوني دولار، أقام مستشاروه حجتهم على أن مشروع القانون هذا الذي يتم «مرة في الجيل» سيكون «تحولياً». وأيدوا حجم الخطة ووصفوها بأنها «جريئة». لكن ما الذي سيحصل عليه الأميركيون حقاً من هذا المال؟ وبدلاً من أن يقدم البيت الأبيض التحليل الخاص به، أشاد بدراستين، إحداهما لمركز «اناليتكس» التابع لمؤسسة «موديز»، وأخرى صادرة عن جامعة جورجتاون. 
وجاء في دراسة مؤسسة موديز أن «الإنفاق المقترح في الخطة على البنية التحتية كبير، لكنه يتوزع على العقد المقبل ويغطي كلفته، في جانب كبير، الضرائب الأعلى على الشركات. ورغم الضرائب الأعلى على الشركات والعجز الأكبر في ميزانية الحكومة، تقدم الخطة دعماً كبيراً للنمو الاقتصادي طويل الأمد للبلاد». 
وذكر التقرير أن الإنفاق التقليدي على البنية التحتية له، في المدى القصير تأثير تضاعفي بنسبة 1.5 في المئة، أي أن كل دولار يستثمر في البنية التحتية تقابله زيادة 1.50 سنت في الإنتاج المحلي الإجمالي. وإجمالاً، تتوقع موديز أن تتم ترجمة الخطة إلى زيادة بنسبة 3.8% في الإنتاج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024 مقارنة مع زيادة بنسبة 2.2% إذا لم تجر الموافقة على مشروع القانون. ويتوقع انخفاض البطالة بنسبة 3.5% بحلول نهاية 2024. وتتوقع موديز أنه بدلاً من إضافة 11.4 مليون وظيفة في ظل التوجهات الحالية، ستضيف الخطة 13.5 مليون وظيفة. وعلى مدار العقد المقبل ستضيف الخطة 18.9 مليون وظيفة مقارنةً بإضافة 16.3 مليون وظيفة بدونها. 
والفوائد للأنشطة الاقتصادية الأميركية كبيرة. فقد ذكرت موديز أن الخطة «تقلص كلفة الأنشطة الاقتصادية وتحسن التنافسية والإنتاجية وتسمح للعمال بالإقامة قرب مكان العمل وتقلص وقت الانتقالات وتحسن مشاركة العمل وتقلص انبعاثات الكربون». 
لكن أرقام دراسة جامعة جورجتاون مختلفة قليلاً. وجاء فيها أن «خطة البنية التحتية ستخلق أو تنقذ 15 مليون وظيفة على مدى عشر سنوات وستعزز نصيب وظائف البنية التحتية من 11% إلى 14% من إجمالي الوظائف في البلاد وتنعش مؤقتاً اقتصاد أصحاب الياقات الزرق». لكنْ هناك تحذير من أن معظم الوظائف سيسيطر عليها أشخاص هيمنوا تقليدياً على مجموع العمالة في وظائف البنية التحتية. 
وبالإضافة إلى هذا «يخلق برنامج البنية التحتية ثمانية ملايين وظيفة للعمال الحاصلين على تعليم فني متوسط أو أقل من هذا، و4.8 مليون وظيفة للعمال الحاصلين على تعليم أعلى من التعليم الفني المتوسط لكن أقل من درجة البكالوريوس، و2.25 مليون وظيفة للحاصلين على درجة البكالوريوس وما فوقها». وهذا يمثل رداً قوياً على الحزب الجمهوري الذي يؤكد على أنه حزب الطبقة العاملة. وهناك أكثر من 21 مليون شخص سيتمكنون من الحصول على حزم الإنترنت العريضة. 
وبالإضافة إلى هذا، يؤكد تقرير جديد من «معهد السياسة الضريبية والاقتصادية» على ما حققته الشركات من مكاسب على مدار السنوات الأربع الماضية مع عدم دفع 55 شركة كبيرة الضريبة الاتحادية على دخلها. وجاء في تقرير المعهد: «الشركات التي تفادت الضرائب تمثل صناعات مختلفة وتمتعت مجتمعة بما يقرب من 40.5 مليار دولار من الدخل الأميركي السابق على الضرائب في عام 2020، وفقاً لتقريرها المالية السنوية. فالنصاب القانون للضرائب الاتحادية على أرباح الشركات يبلغ 21%. وكان يجب على الشركات الـ55 دفع 8.5 مليار دولار إجمالاً عن العام لو كانت دفعت النصاب القانوني على دخلها في عام 2020. وبدلاً من هذا حصلت على خصم ضريبي بقيمة 3.5 مليار». 
وكل تقرير من هذه التقارير يدعم مسلَّمةً أساسية في مشروع القانون، وهي أن إنفاق مبلغ كبير سيؤدي إلى عائد اقتصادي خاصة للعمال أصحاب الياقات الزرق. ومع الأخذ في الاعتبار ما جنته الشركات منذ عام 2017، فإن مطالبتها بدفع المزيد نوعاً ما لا يبدو عبئاً كبيراً.
لكن الخطة تفتقر للتفاصيل. فقد ذكر تقرير لـ«واشنطن بوست» أن «خطة بايدن تقول إنها ستستخدم 400 مليار في توسيع إمكانية الحصول على الرعاية في المنازل بطريقة تدعم كذلك أجوراً جيدة لوظائف تقديم الرعاية، فإنها لم تحدد بالضبط كيفية القيام بأي من هذا رغم أن الاستثمار الكبير قد يوسع العرض من خدمات الحصول على الرعاية ومن المحتمل أن يقلص الكلفة إجمالاً». 
ويرجح أن ينتهز «الجمهوريون» فرصة توقع موديز لتقلص النمو في عام 2022 «مع حدوث تأثير للضرائب الأعلى على الشركات، بينما لا يظهر تأثير الزيادة في الإنفاق في البنية التحتية جدياً حتى وقت متأخر من العام».
وأخيراً، أضاف الاقتصاد عدداً مبهراً من الوظائف بلغ 916 ألف وظيفة، في مارس الماضي، في علامة على تعافي الاقتصاد. والجمهوريون سيزعمون دون شك أننا لا «نحتاج» لمشروع القانون نتيجة لهذا. لكن لدى «الديمقراطيين» كثير من المعلومات تحت أيديهم. والاختبار يتعلق بمدى قدرتهم على عرض البيانات لتظهر أنهم متحيزون للطبقة العاملة وأن الجمهوريين عتيقي الطراز يعرقلون التقدم ويمثلون أداة طيعة في أيدي الشركات الكبيرة.


*صحفية وكاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»