يوم الأحد الماضي الموافق 18 أبريل الجاري، قامت إسرائيل بإلغاء ما يسمى «تفويض الأقنعة»، الذي يتطلب ارتداء الأقنعة في الهواء الطلق، ورجوع الحياة إلى طبيعتها بشكل تام بعد أن قامت الجهات المعنية بالشؤؤن الصحية بتطعيم ما يقرب من 80 في المائة من سكان إسرائيل البالغين 9.3 مليون نسمة. هذا المشهد يتطلب منا وقفة، ويطرح تساؤلات، من بينها: كيف أجرت إسرائيل أسرع حملة تطعيم في العالم؟ وكيف استطاعت أن تقنع مواطنيها بأخذ اللقاحات وأن تجتاز الموازنة بين الحريات الشخصية والصالح العام؟ 
دافعت الدكتورة «مايا بيليد راز»، الخبيرة في قانون الصحة والأخلاق في جامعة حيفا، عن بعض القيود على الحريات الشخصية من أجل الصالح العام، فقد قالت: «إنه لا يمكن لأصحاب العمل إجبار الموظفين على التطعيم، لكن يمكنهم أن يوظفوا فقط المُطعمين. قد ينطوي ذلك على بعض الأضرار بالحقوق الفردية، لكن لا بأس بذلك إذا كان الضرر متوازناً ومشروعاً من أجل تحقيق هدف نبيل. إذا تم تطعيمك يمكنك الدخول وطالما أنك لست كذلك، لا يمكننا السماح لك بتعريض الآخرين للخطر». 
وقد أكد على ذلك وزير الصحة، يولي إدلشتاين: «شعارنا الجديد، كل من لا يتطعم سيتخلف عن الركب». لا يمكن إلحاق الضرر بالصالح العام بسبب أفراد يرفضون أخذ اللقاحات التي لن تكون فعالة إلا إذا تم تلقيح 60% -70%من السكان وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. فما طبقته إسرائيل تحت نظام «جواز التطعيم» أو نظام «الشارة الخضراء» يعمل كنظام العصا والجزرة، فالحكومة لم تجبر أي فرد على أخذ التطعيم، لكنها في الوقت نفسه تجعل الأنشطة الترفيهية متاحة فقط للأشخاص الذين يحملون شهادة التطعيم، وكذلك لمن يريد دخول المطاعم والمجمعات التجارية وقاعات المؤتمرات. 
رئيس الجمعية الطبية الإسرائيلية، البروفيسور «هاجاي تسيون»، وضّح أهمية الحملات التثقيفية الصحية المكثفة من خلال الإعلام، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي خاصة عند مشاهدة الأطباء وعوائلهم يأخذون اللقاحات. وكذلك حملات التواصل التثقيفية المباشرة في مختلف أنحاء البلاد، وهذا جعل نسبة متلقي اللقاحات تصل إلى 95% إلى من هم فوق الخمسين و60% إلى الأعمار ما بين 16-19 عاماً. ومن تجربة شخصية، طبيب العائلة هو من أكثر المؤثرين على الأفراد والمجتمع. 
بالنسبة لدولة الإمارات فهي في صدارة دول العالم من حيث توفير اللقاحات ضد كوفيد 19 وأيضا بتوفير العناية الصحية، أحرزت سبقاً مقارنة بدول متقدمة كثيرة في أوروبا وآسيا. ورغم الجهود الدولية في مكافحة الوباء، يبدو إلى الآن هناك إشاعات بخصوص الفيروس واللقاحات، لذلك لا بد من اهتمام المؤسات المعنية بالرعاية الصحية في شتى أرجاء العالم بتكثيف الحملات التثقيفية بجميع وسائل الإعلام سواء التقليدي أو الجديد، مع التأكيد على أن يكون المشرفون والمعدون والمقدمون لتلك البرامج أطباء ومتخصصين. أما بالنسبة للرجوع للحياة الطبيعية، فيبدو من تجارب الآخرين أن سياسة الجزرة والعصا هي الأنسب. ففي الأمور الصحية خاصة مثل جائحة كورونا الصالح العام يفوق أهمية الحريات الشخصية.

 

* باحثة سعودية في الإعلام السياسي