مشوار الخير الإماراتي مستمر في شهر الخير والعطاء والتراحم، وهو كما اليد المبسوطة إلى الإنسانية كلّها على اختلاف مشاربها ومن دون اعتبار لأي فوارق، تعمل بلا كلل ولا ملل وتجتهد للوصول إلى أولئك الذين قست عليهم ظروف الحياة فباتوا ينتظرون على قارعة الجوع والحرمان، لتسد رمقهم وتمسح دموعهم وتخبرهم أن الدنيا ما زالت بخير، وأن لهم إخوة يشعرون بهم ويتألمون لوجعهم ولا يقبلون أن يلفهم النسيان.
ولأن إطعام الطعام وسدّ رمق من عضهم ناب الجوع، واحد من أجلّ الأعمال وأرفعها قدراً وأعظمها أجراً في شهر الصيام، جاءت حملة الـ100 مليون وجبة، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لتجسّد معاني وقيم هذا الشهر الفضيل في الشعور بالفقير والمحروم وتعزيز التكافل والتراحم بين الناس، ومد يد العون والمساندة للمحتاجين، وإدخال السعادة والسرور إلى قلوبهم، من خلال تقديم المواد الغذائية للملايين من مستحقيها في 30 دولة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
قيمة هذه الحملة وأثرها الكبير يتعاظمان في ظل ظروف الحرمان التي يعيشها الملايين من الناس في العديد من دول المنطقة، والتي ازدادت قسوة نتيجة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا، وأثقلت كاهل الكثيرين وجعلتهم غير قادرين على توفير أبسط مقوّمات الحياة لأسرهم وأنفسهم، فهي بالإضافة إلى دفعها غائلة الجوع عنهم، ترفع من معنوياتهم وتسهم في غرس الأمل في نفوسهم وتدعم قدرتهم على الصمود في وجه الظروف والتحديات ليتمكنوا من تجاوزها والعبور نحو واقع أفضل.
العطاء في الإمارات أصيل، وصِفة يتنافس فيها كل من يعيش على أرضها الطيبة، ويتسابق الأفراد والمؤسسات على الظفر بشرف المشاركة فيه والاقتداء بروّاده الذين يضربون في كلّ يوم أروع الأمثلة في الشعور بالإنسان وتلمّس احتياجاته والعمل على تكريمه وإسعاده، ولذلك لا غرابة في أن يرى من يتابع حملة الـ100 مليون وجبة هذا الزخم في الإقبال على التبرع لها والمشاركة فيها، وهذا التنوّع والثراء في الفعاليات والإبداع في الأفكار التي تنظمها وتطلقها «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» بهدف تمكين الحملة من تحقيق أهدافها على الوجه الأكمل، وأحدثها إطلاق المزاد الفني الخيري الأكبر من نوعه بالتعاون مع وكالات عالمية ومتخصصة، لعرض أعمال فنية نادرة لفنانين مرموقين ومقتنيات شخصية لقادة عالميين ومشاهير ونجوم رياضيين يعود ريعها لدعم الحملة، ففي بلد الخير يسخّر كل ما هو ممكن لخدمة كريم الأخلاق ونبيل الشيم.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.