قيل عن السياسة إنها «فن الممكن»، وقيل فيها: «ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم، بل هناك مصالح دائمة»، وذلك لب القول، فالدول لا تتعامل بالعاطفة والمشاعر ولا بعفوية أو بطريقة فوضوية، بل بالتخطيط والدبلوماسية وتحقيق مصالحها على كافة الأصعدة، وهكذا تُبنى السياسة الخارجية للدول القادرة والمتمكنة والقوية. وهنا سنتحدث عن السياسة الخارجية لدولة الإمارات التي حققت لها الكثير عبر السنوات. فدولتنا أصبحت فاعلة ولها كلمة على الصعيد العالمي، كما أن سمعتها الحسنة حول العالم تثبت صواب خياراتها وتؤكد قدرتها على وضعنا بصورة صحيحة على الخارطة الدولية، كما أن سعي الإمارات الدائم لنشر وتحقيق السلام يؤكد على نهج مستمر مند عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هذه السياسة التي رسخت دورنا كطرف يسعى دائماً لنشر قيم التسامح حول العالم، ويؤكد أن دولتنا يهمها تحقيق مصالحها وخير شعبها من خلال تلك السياسة المتوازنة. 
سياسة الإمارات مع الدول المتنازعة تقوم على مسك العصا من المنتصف، وتهدف إلى عدم خلق عداوات، بل حتى محاولة التقريب بين أطراف النزاع، فالأجدى بدول الشرق الأوسط التفرغ لمصالحها وبناء الدول وتعزيز الرفاهية لشعوب المنطقة، وهذا هو النهج الحكيم الذي يسير عليه قادتنا. فنحن دعمنا السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ولا زلنا على هذا النهج، وقد حققنا سلاماً تاريخياً مع إسرائيل ليعزز الأمن والسلام لشعوب المنطقة، والتفرغ للعمل والبناء وتعزيز إنسانية الإنسان في المنطقة، فنحن نهتم بشعبنا ولا نكتفي بتأمين احتياجاته، بل نؤمِّن رفاهيته وسعادته. وللأسف هناك شعوب في المنطقة عانت وتعاني منذ سنوات طويلة بسبب انتهاج سياسات خارجية خاطئة لا تلتفت لمصلحة الشعوب والدول، بل تسير في عداوات تاريخية متوهمة لن تفضي لنتيجة أبداً، وقد حان الوقت لكي يتعلم البعض من الأخطاء وعدم الوقوع بها مراراً وتكراراً.
كما يتوجب التفريق بين السياسة والاقتصاد، فسياسة دول وحالة العداء مع بعض الدول الأخرى لأسباب استراتيجية، كل ذلك لا ينبغي أن يجر خلفه العداء الاقتصادي والقطيعة التجارية، خاصة إذا كانت ضد مصلحة البلد وتسبب خسائر هائلة، ولنأخذ أميركا -أقوى دول العالم- مثالاً، فرغم التوتر الدائم مع الصين والخلاف الكبير بينهما، لكن ذلك لم ينسف العلاقات التجارية أو يوقفها. ربما هناك ضغوطات اقتصادية، لكن دون المساس بمصالح أميركا على سبيل المثال، فأي قرار تتخذه إنما يقوم أساساً على السعي لتحقيق المصالح أولاً، وهذا يجب أن ينسحب على معظم الدول، إذ لا يمكن أن نوقف مصالح اقتصادية أو علاقات بين دولتنا ودول أخرى، خاصة بأن بلدنا مفتوح للشركات كافة، ويتم تطبيق سياسة اقتصادية مفتوحة. فلا يمكن بأي حال، بسبب حالة عداء أو خلاف، أن نغلق الأبواب نهائياً.. فالسياسات الدولية لا تُبنى أو تسير بهذه الطريقة.
ومرة أخرى لا بد أن نشيد بالسياسة الخارجية الإماراتية التي حققت الكثير من خلال حكمة قيادتنا، فنحن على علاقة طيبة بمعظم الدول حتى تلك التي نختلف معها، ونحن نترك الباب موارباً وندرك أن مصلحة الدولة والشعب في المقدمة، كما نؤكد دائماً على نهج السلام، حتى أن مساهماتنا ومواقفنا من حالات الصراع أو النزاع في دول عدة كان هدفها الأساسي هو تحقيق السلام ونزع فتيل الصراع وعودة الشرعية لبلدان هزتها الفتن، ونحن مع التحركات الدولية والإجماع الدولي من كافة قضايا الشرق الأوسط والعالم. أما إذا تحدثنا عن يد الإمارات الخيّرة حول العالم وتقديم المساعدات للدول والشعوب المحتاجة، فذلك يحتاج إلى مقالات عدة، فقط لكي نذكر غيضاً من فيض الخير الإماراتي.

 


*كاتب إماراتي

 


  3299056  
 
 
 
   

 Retouched 
Checked In
used 1 Time
315 x 295
601.48KB
         
 Caption