ما تزال الطاقة النووية تشكل أحد البدائل الرئيسية لتوليد الطاقة الكهربائية في العديد من دول العالم، ليس فقط لأنها نظيفة ورخيصة مقارنة بأنواع الطاقة التقليدية، وإنما أيضاً لأنها تسهم بدور رئيسي في استدامة التنمية ومواجهة تنامي ظاهرتي الاحتباس الحراري وتغير المناخ، حيث تشير التقديرات إلى أن محطات الطاقة النووية في أوروبا تحد سنوياً من انبعاث 700 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، كما تُجنب محطات الطاقة النووية العاملة في روسيا انبعاث 210 ملايين طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً إلى الغلاف الجوي، وهذا يعني أن الطاقة النووية تواكب التوجه العالمي في مجال الاستدامة والحفاظ على البيئة. 
الطاقة النووية، خلافاً للتوقعات التي كانت تذهب إلى تراجع نسبتها في مزيج الطاقة العالمي، تسهم الآن بنسبة 10% من الطاقة الكهربائية، من خلال 450 مفاعلاً نووياً قيد التشغيل في أكثر من 30 دولة حول العالم، كما يوجد ما يقرب من 53 مفاعلاً نووياً قيد الإنشاء في 19 دولة في العالم، وهذا يؤكد أهمية هذا النوع من الطاقة، خاصة في ظل تزايد مستوى الأمان بعد ظهور الجيل الثالث من المحطات النووية، والتي تتسم بفعالية أكبر وأمان أكثر في تصميم المنشآت وسلامتها.
الإمارات تمتلك تجربة فريدة في مجال الطاقة النووية، من خلال مشروع محطات «براكة» للطاقة النووية السلمية، والذي بدأ التشغيل التجاري لأُولى هذه المحطات قبل أيام في إنجاز نوعي وفريد، يؤكد أن استثمار الإمارات في مشروعها للطاقة النووية السلمية قبل سنوات بدأ يؤتي ثماره، ليس فقط في تنويع مصادر الطاقة، إذ ستنتج هذه المحطة 1400 ميغاواط، وهو ما يجعلها أكبر مصدر منفرد لإنتاج الطاقة الكهربائية، وإنما أيضاً في مجالات أخرى كالطب وفي انتاج أشباه الموصلات والمعالجات الكيماوية وفي عمليات التعدين والبحث عن الخامات الطبيعية في الزراعة.
وإضافة إلى ما سبق، فإن مفاعلات براكة الأربعة ستوفر – في حال تشغيلها بشكل كامل- نحو 25% من احتياجات الإمارات من الكهرباء، وستحد من انبعاث 21 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام، وهو ما يعادل إزالة 3.2 مليون سيارة من طرقات الإمارات سنوياً، الأمر الذي يؤكد بوضوح المردود الكبير والنوعي لهذا المشروع الاستراتيجي على التنمية الشاملة والمستدامة لدولة الإمارات.
مشروع براكة للطاقة النووية يعزز مكانة الإمارات على خريطة الدول المتقدمة في مجال الطاقة النووية السلمية، ويؤكد أنها تمتلك كل المقومات والخبرات الفنية والتقنية والبشرية التي تؤهلها لتكون مركزاً إقليمياً ودولياً لهذا النوع من الطاقة والطاقة المتجددة عموماً، خاصة في ظل استضافتها لمقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «إيرينا»، ودورها الرائد في دعم الدول النامية والمتقدمة بمشاريع الطاقة المتجددة التي تحافظ على البيئة، وتسهم في التنمية المستدامة.

*مركز تريندز للبحوث والاستشارات