غرّدت الفنانة اللبنانية «إليسا» على حسابها في تويتر بعبارات تتضمن معتقداً من المعتقدات التي تؤمن بها كإنسانة مسيحية، وذلك بمناسبة من المناسبات الدينية المسيحية، وهي المتعلقة بصلب نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام، مع صورة لشخص مصلوب على خشبة، وهو المعتقد الذي لا يتوافق مع العقيدة الإسلامية التي تقول إن المسيح عليه السلام لم يُقتل ولم يُصلب، وإنّ الله وَقاه كيد أعدائه ورفعه إلى السماء وألقى شبههُ على رجل من الحواريين، وهو الذي قُتل وصُلب على الخشبة.
وما هي إلا دقائق معدودة من نشر تلك التغريدة حتى انهالت على الفنانة «إليسا» المئات من التعليقات التي تندرج ضمن وصف «التحرّش الديني»، فهذا يقول عنها إنها تكذب وتفتري، وهذا يتحداها أن تجيب على أسئلته المنطقية حول عقيدة الصلب، وذاك يدعو لها بالهداية، وهذا يؤكد لها أنها ستشعر بالراحة إذا اعتنقت الإسلام، وذلك يسرد لها الآيات القرآنية التي تنفي صلب المسيح، وهذا يتألم لأنها فنانة حساسة لكنها للأسف تعيش في ضلال، وذاك يصوّر صفحة من كتاب فيه رد على تلك العقيدة.
وليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها الفنانة «إليسا» لمثل ذلك التحرّش الديني، وليست هي الوحيدة التي يحدث معها ذلك، إذ لا يفوّت أولئك المتحرشون أي مشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي، بأي مناسبة من المناسبات الدينية الخاصة بغير المسلمين، إلا وقلبوها إلى حالة من النفي والتكذيب والتحدي والعداوة والغباوة، وفي أفضل الأحوال إلى نصائح ومواعظ ودعوات بالهداية.
ولا فرق في الحقيقة بين التكذيب والعنف اللفظي في هذا المقام والدعوة إلى الهداية، فكل هذا يدخل في مفهوم «التحرّش الديني»؛ فالتكذيب إن جاز فيكون في مقام المناظرة، والدعوة إلى الهداية تكون لمن يأتيك من تلقاء نفسه ويطلب منك توضيح هذه الجزئية أو تلك من العقيدة التي تعتقد أنها عقيدة الهداية، ثم تختم توضيحك بالدعوة له بالهداية.. أما شخص يحتفل بمناسبته الدينية، لم يوجه إليك أي دعوة للمشاركة فيها، فلا وصف للدعاء له بالهداية، وهو ما يعني بالبداهة أنه في ضلال مبين، إلا أنه تحرّش ديني مزعج ومؤذٍ.
وإنّ هذا التحرش الديني هو أوضح صور البدعة، فالبدعة كما تعرّف هي كل قُربة تخالف الشرع، أو كل مَن يتقرب بشيء لم يشرعه الله، وهؤلاء إنما يتحرشون بالناس اعتقاداً منهم أنهم بذلك يتقربون إلى الله، ويدافعون عن دين الله، والله سبحانه وتعالى لم يشرّع إيذاء الناس في دينهم، والتنغيص على مناسباتهم، وتحديهم في معتقداتهم في كل وقت، وتحويل حياتهم إلى جحيم من الرد والتكذيب والنفي والتحدي وحتى الدعوة إلى الهداية.
وفضلاً عن أن التحرش الديني بدعة، فهو مخالفة صريحة لعشرات الآيات القرآنية الكريمة التي تؤكد على أنه لا إكراه في الدين، وأن الحساب على الله، وأن لكل قوم دينهم، وأنه لا أحد منا مكلفٌ بهداية غيره، ناهيكم عن الدعوات القرآنية نحو احترام وحسن معاملة الآخر والتعايش معه والانفتاح عليه، وهذا ما لا يمكن تحقيقه ببدعة التحرّش الديني.