منذ أن اجتاح وباء «كوفيد-19» العالم بداية العام الماضي، بُذلت جهود مضنية في البحث عن حلول قد توفر علاجاً ناجعاً له، بعضها أدوية وعقاقير طبية معروفة، وبعضها الآخر وصفات شعبية ومستخلصات نباتات اعتمدت في جوهرها على الشعوذة والاحتيال أحياناً. أحد هذه الحلول التي طرحت، ولا زالت قيد البحث والدراسة، هو فيتامين (د)، والمعروف عنه أنه يلعب دوراً في مناعة الجسم، ولذا علقت عليه آمال كبيرة في علاج «كوفيد-19»، أو على الأقل تحقيق قدر من الوقاية. ومما زاد من حجم هذه الآمال، تعدد الدراسات التي تظهِر ترابطاً بين فيتامين (د) ومسار أو مخرجات «كوفيد-19». بعض هذه الدراسات أظهر أن فئات معينة؛ مثل كبار السن، والمصابين بالسمنة، وذوي البشرة السمراء.. تزداد لديهم معدلات نقص فيتامين (د)، ومعدلات الإصابة بـ«كوفيد-19» في نفس الوقت. وإن كانت هذه الدراسات مبنية على الملاحظة أو المراقبة (observational)، بمعنى أنها كانت تلاحظ وتراقب فقط ما يحدث للأشخاص المتمتعين بمستوى مرتفع من فيتامين (د)، أو يعانون من نقص فيه، دون الأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى. هذا الأسلوب في الدراسات لا يمكن الركون إليه في استخلاص نتائج ثابتة ومؤكدة، حيث إن المقياس المعياري في الأبحاث الطبية يعتمد على دراسات يجري اختيار المشاركين فيها بشكل عشوائي، ويتم الأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى التي قد تؤثر على النتائج النهائية (randomized control trials). مثل هذه الدراسات المعيارية، يتم إجراؤها حالياً في عدد من المراكز الطبية العالمية، ولم تخرج نتائجها النهائية بعد. وتكمن المشكلة في أن نشر نتائج بعض الدراسات المعتمدة على الملاحظة والمراقبة فقط، والتي لا يمكن الاعتماد عليها، قد تؤدي إلى حالة من البلبلة بين العامة، ينساق على أثرها البعض لتجنب تلقي التطعيمات المتاحة، والاعتماد على مكملات من فيتامين (د) في شكل أقراص وكبسولات. وما قد يدعم هذا الاتجاه أن الجرعات المعتادة من فيتامين (د) لا تشكل خطراً كبيراً، كما أنها توصف بشكل واسع، بالنظر إلى تزايد الإدراك باتساع مدى نقص هذا الفيتامين لدى الكثيرين. ولذا قد ينساق البعض وراء هذه الفكرة، ويتجنبون التطعيمات، أو يتراخون في اتباع إجراءات الوقاية المؤكدة، دون أن يكون هناك دليل علمي ثابت بعد على أن فيتامين (د) يتمتع بأي فعالية في الوقاية من «كوفيد-19» أو في علاجه. *كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمي