كثير من الأساطير الشعبية والأمثال الدارجة وبعض المفردات المتداولة في أوساط مجتمعاتنا العربية، لا تنطبق على الفعل أو الموضوع نفسه، بل ربما في بعض الأحيان تنافيهما جملة وتفصيلاً، وقد تنسف معناهما تماماً، مثلما يتهكم العربي ويقول: «ليش، أنا هندي؟»، مع الاحترام الكامل لكل الجنسيات والأديان والمذاهب والقوميات والشعوب. وعندما استوعبنا وفهمنا وأدركنا الموضوع، اكتشفنا فيما بعد أن الشخص الهندي لا يختلف عنا في شيء، بل هو قادر على استيعاب المعلومة، وإدراك معناها والتفاعل معها أفضل ما يكون التفاعل. 
لكن الهندي يتجاهل بذكاء، ولعله لا يريد أن يتقن العربية، ولا يرغب أن يعرفها أو يتعمق في معرفتها، وذلك لأنه يعتز بلغته وتاريخه وحضارته وقوميته وانتمائه.. فهو صاحب حضارة عريقة وتاريخ طويل وثقافة ضاربة في عمق الزمن.. ولا يريد أن يفهم إلا لغة وطنه وقومه. ومهما تكلّمه بالعربية فهو لا يستجيب إلا في حدود معينة، وربما يتجاهل بذكاء وكياسة. لذلك فقد انطلت على البعض تلك العبارة الخادعة «ليش.. أنا هندي ما أفهم عليك؟!»، وهي عبارة مخالفة للواقع، ومجافية للحقيقة وضد المنطق.
والهندي يعتبر أول من طبق الديمقراطية في العالم، وهو يعيش في بلده بسلام وأمن وأمان ووئام، بموجب ميثاق الحقوق الواردة في الدستور الهندي، وله الحق في الحرية والمساواة أمام القانون، وله حرية العبادة والتعبير والتجمع السلمي.
كما شاع عند العرب تعبير دارج آخر لإظهار قمة الاستغراب: «كأنه فيلم هندي!»، أي عندما لا تصدق القصة أو الرواية وحين تجد مبالغة في سرد الحادثة أو شكل الصورة المركب. وهنا أيضاً مفارقة عجيبة، ليس لأن قيمة الفيلم الهندي الفنية ضعيفة أورديئة أو أنها غير ذات مصداقية وتأثير.. بل لأن الهنود بارعون جداً في صناعة السينما وإنتاج الأفلام المتنوعة والمتعددة، وهم مبدعون ومبهرون في دبلجة الأفلام بمهارة عالية ومبهرة للغاية. 
وكما أبدع الهنود في مجال السينما، فقد أبدعوا أيضاً في مجال الهندسة الإلكترونية الدقيقة، لذلك تجد ابتكاراته في إصلاح وصيانة التلفزيون والراديو والفيديو وتشفير المحطات والقنوات الفضائية وبرمجتها وإصلاحها، وقد سبقونا بكثير من الأعمال الفنية والكهربائية والإلكترونية الدقيقة والصور الرقمية الحديثة.. قبل أن نعرف مثل هذه التقنيات الحديثة والإلكترونيات والمونتاج والتركيب والدبلجة والفوتوشوب وصور الأبعاد الثلاثية.. لذلك يقال «فيلم هندي» من شدة الانبهار بمهارة العمل الفني وابتكاريته، خاصة عند ما يتعلق الأمر بتركيب الفيلم ودبلجته وتزويده بالمؤثرات الموسيقية الملهمة، والتي تزيد شحنته الخيالية. وقد اعتاد المبدعون الهنود إنتاج قصص وسيناريوهات وحوارات وأفلام مؤثرة جداً ومدهشة ومبهرة للمشاهد والمتلقي. لذلك يقال لمن يروي قصة مبهرة ومشبعة بالخيال: «فيلم هندي». وهذه دلالة واضحة على مهارة الهندي وشطارته وذكائه ومهنيته العالية، لاسيما في المجالات الفنية المعقدة.
لانزال نقول ونردد: حكايتك كأنها فيلم هندي! وفي الوقت نفسه لا يزال الشخص الهندي في كثير من بلداننا هو من يقوم بإصلاح السيارة والتلفاز والرسيفر والثلاجة والمكيف وجهاز الكومبيوتر والموبايل. 
فعسى أن لا يعلق قارئ هذا المقال عليه بالقول: هذا فيلم هندي!

*كاتب سعودي