لعل أكثر التحديات العديدة إلحاحاً التي ورثتها «سامية صلوحي حسن»، بعد أدائها اليمين الدستورية كرئيسة لتنزانيا، الأسبوع الماضي، هو إصلاح الضرر الناجم عن استجابة سلفها لوباء فيروس كورونا المستجد. وتتمثل مهمتها الأولى في معرفة ما يجب فعله حيال الوزيرة المسؤولة عن السياسات الصحية في البلاد.
وعلى الرغم من وفاة الرئيس «جون ماجوفولي»، فقد نفّذت وزيرة الصحة «دوروثي جواجيما» موقفه غير المكترث تجاه الفيروس. وبينما اكتفى رئيسها بالاعتماد على «العناية الإلهية» كوسيلة للحماية من «كوفيد-19»، أشادت جواجيما بالصفات الوقائية لعصائر الخضراوات، حيث قامت بخفق بعضها في خلاط في مؤتمر صحفي، وأعلنت أن تنزانيا ليست بحاجة إلى لقاحات، حتى مع سعي نظرائها في دول أخرى من أفريقيا للحصول عليها.
لا توجد حالياً إحصاءات موثوقة عن فيروس كورونا بالنسبة لتنزانيا، حيث توقفت الحكومة عن إصدار البيانات في مايو الماضي، عندما كان عدد حالات الوفيات 21 حالة معلنةً. ويتم إجراء القليل جداً من الاختبارات، لذلك لا يعرف معظم الأشخاص الذين يصابون بالفيروس أنهم مصابون به. هذا الجهل يسمح للفيروس بالانتشار سريعاً. وفي الآونة الأخيرة، أصبح يتم بث إعلانات النعي على «راديو دار السلام 1» لمدة 30 دقيقة، وبزيادة حادة عن المدة العادية البالغة 5-10 دقائق. ويقول سياسيون معارضون: إن الوضع وصل إلى حد الأزمة.
لم تقل الرئيسة سامية حسن بعد ما تنوي فعله حيال الوباء. وأولئك الذين يميلون إلى منحها ميزة الشك يقولون إن صمتها معقول: على كل حال، كان رئيسها السابق زعيماً يتمتع بشعبية حقيقية، حتى ولو كان فوزه الكاسح في انتخابات الخريف الماضي مصحوباً بشكوك حول وجود تزوير وتلاعب. لذا، فقد قد يكون التنصل السريع من سياساته محفوفاً بمخاطر سياسية بالنسبة للرئيسة الجديد. فبالإضافة إلى كونها أول امرأة تشغل منصب رئيس تنزانيا، فهي حالياً المرأة الوحيدة التي ترأس حكومة في أفريقيا، حيث إن رئيسة إثيوبيا «ساهلي وورك زويدي» لها دور شرفي فحسب.
لكن إذا تم الحكم على الرئيسة سامية حسن من خلال ما تفعله وليس ما تقوله، فإن مدة بقاء جواجيما في المنصب سيكون مقياساً لجدية الرئيسة في التعامل مع الوباء. وحتى مع وجود وزير صحة جديد، ستكافح تنزانيا لتعويض الوقت الضائع في السباق للحصول على اللقاحات. لكن من دون تغيير السياسة الصحية الحالية، تخاطر البلاد بإطالة فترة تعرضها للفيروس وزيادة تأخير تعافيها الاقتصادي.
وسيعتمد الكثير على قدرة الرئيسة الجديدة على تحقيق أقصى استفادة مما يبدو أنه يد سياسية ضعيفة. فسامية حسن تعد أول رئيسة تولد في أرخبيل زنجبار الذي كان دائماً منطقة سياسية نائية، حيث يتضاءل عدد سكانها الذين يقل تعدادهم عن 2 مليون نسمة مقابل 56 مليون في البر الرئيسي. وعلى الرغم من صعودها المطرد في التسلسل الهرمي لحزب «تشاما تشا مابيندوزي» (سي سي إم) الحاكم، لا تتمتع «سامية» بجمهور سياسي قوي. كما أنها لم تكن خيار ماجوفولي الأول لمنصب نائب الرئيس في عام 2015، حيث كان يريد وزير الدفاع «حسين مويني» (نجل رئيس سابق)، لكن كبار الزعماء في الحزب أقنعوه باختيار امرأة بدلاً من ذلك.
وعلى الرغم من أنها ظلت على القسيمة الانتخابية في عام 2020، فإن سامية لم تكن عضواً رئيسياً في حكومة ماجوفولي، حيث كان يُنظر إلى وزير الخارجية «بالاماجامبا كابودي» ووزير النقل «إيزاك كامويلوي» على أنهما لاعبان أساسيان في السلطة. وعندما مرض الرئيس في أواخر فبراير الماضي واختفى عن الأنظار، انتشرت شائعات في دار السلام بأنه مصاب بفيروس «كوفيد-19»، وأن الأشخاص المفضلين لديه كانوا يتنافسون ليحلوا مكانه.
لكن سامية ظهرت مرة أخرى كمرشح وسط، وأدت اليمين بعد يومين من وفاة ماجوفولي. وعندما قالت في خطاب تنصيبها إنها «لم تكن مستعدة لذلك»، لم تكن بالضرورة منكرةً لذاتها.
ولدى الرئيسة سامية حسن الفرصة للبقاء حتى نهاية ولاية ماجوفولي، أي حتى عام 2025. كما أن حزب «سي سي إم» يسيطر تماماً على المشهد السياسي في تنزانيا، لذلك لا داعي للخوف من أي تحديات من جانب المعارضة. وفي الواقع، وبصفتها السياسية الكبيرة الوحيدة التي زارت زعيم المعارضة «تندو ليسو» في المستشفى عام 2017 بعد محاولة اغتياله، قد تشعر سامية بالقلق من هذه الناحية. لكنها يجب أن تكون حذرة من سماسرة السلطة داخل حزبها، والذين يتنافسون الآن على منصب نائب الرئيس.
وبشكل حاسم، ستحتاج سامية حسن إلى فرض نفسها على «سي سي إم»: حسب العرف، يكون الرئيس هو رئيس الحزب تلقائياً. وقد تكون قادرة أيضاً على تعيين حليف في منصب الأمين العام الشاغر حالياً. لكن مع ذلك، ستحتاج إلى تعاون كبار الشخصيات الذين شكلوا سلسلة القيادة بفضل ماجوفلي، والذين يعتبرونها شخصية ضعيفة قادمة من موقع ناءٍ.
وبعيداً عن الوباء والسياسة الحزبية، ربما من المتوقع أن تواصل سامية حسن سياسات ماجوفولي الاقتصادية المميزة، بما في ذلك المشاريع العملاقة، مثل خط أنابيب النفط الخام بقيمة 3.5 مليار دولار، والذي يمتد من أوغندا إلى ساحل تنزانيا بقيادة شركة توتال إس إي، وتخصيص 30 مليار دولار لتطوير الغاز الطبيعي المسال. ومن الأمور ذات الأهمية الخاصة للمستثمرين الأجانب موقفها من سياسات الاستثمار المصممة لتعزيز الملكية المحلية وإصلاحات التعدين التي تسمح للحكومة بإعادة التفاوض بشأن الشروط مع شركات المعادن والطاقة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»