كان من المؤكد أن حملة جو بايدن غير العادية في الانتخابات الرئاسية وفوزه الحاسم في نوفمبر 2020 سيمنحانه دفعة قوية عندما يتولى السلطة في العشرين من يناير 2021. والحق أنه حقق الكثير من الأشياء حتى الآن، ومن ذلك الموافقة على كل تعييناته الحكومية حتى الآن من قبل مجلس الشيوخ، ونجاح برنامجه الرامي إلى تلقيح كل السكان والذي يبدو الآن متقدماً على الجدول الزمني المقرر له. وفضلاً عن ذلك، فإن معدلات تقييم أدائه في استطلاعات الرأي جيدة جداً، والمواطنون الأميركيون يعتبرون إحساسه بشعور الآخرين وتركيزه على رفاهيتهم تحولاً جديداً مرحباً به ومختلفاً عن مواقف سلفه. 
غير أن شهر العسل انتهى. فبايدن يواجه الآن أول أزمة في فترة رئاسته، وتتعلق بتزايد عبور المهاجرين غير الشرعيين للحدود الجنوبية للولايات المتحدة طلباً للجوء. والواقع أن هناك العديد من الأسباب وراء هذا التزايد، ومن ذلك تدهور الظروف السياسية والاجتماعية في هندوراس وغواتيمالا والسلفادور، والظروف المناخية المثالية للقيام بعملية العبور الشاقة. غير أن أحد العوامل الواضحة والرئيسية هو الاعتقاد السائد في هذه البلدان بأن إدارة بايدن ستكون أكثر تسامحاً وإنسانية بكثير في تعاملها مع المهاجرين مقارنةً مع إدارة ترامب. ذلك أن بايدن ونائبة الرئيس كمالا هاريس تحدّثا عن معاملة أفضل للمهاجرين خلال الحملة الرئاسية، والمهرّبون الذين يجنون الأموال من يأس المهاجرين يشجعونهم على أن هذا هو الوقت المناسب للتحرك.
والنتيجة: فوضى عارمة، إذ يصل آلاف الفتيان غير المرافقين بذويهم إلى حدود الولايات المتحدة الأميركية، وفي معظم الحالات يتم ترحيلهم إلى البلدان التي قدموا منها. وتجد الإدارة الحالية نفسها ممزقةً بين الحاجة إلى وقف التدفق غير المسبوق للمهاجرين، من جهة، ومطالب المدافعين عن حقوق الإنسان بأن يعامَلوا معاملة أكثر إنسانية مما كان عليه الحال في عهد إدارة ترامب، من جهة ثانية. 
ويتهم «الجمهوريون» بايدن بالتردد وبالافتقار إلى الكفاءة، مشيرين إلى أن أعداد عمليات العبور كانت منخفضة بشكل دراماتيكي في عهد ترامب، وإلى أن استيعاب الآلاف من المهاجرين الجدد في وقت يتميز ببطالة خطيرة جرّاء الركود الاقتصادي سيزيد من حالة الاستقطاب في المشهد السياسي الحالي، وسيفاقم ميزانيات الرعاية الاجتماعية المنهكة أصلاً والتي قدّمها فريق بايدن. ووفق تقديرات حالية، فإن عدد المهاجرين المراهقين الذين وصلوا في شهر مارس الجاري وحده يفوق 17 ألفاً، وهو عدد قياسي. ولا توجد مؤشرات على أن الأعداد ستنخفض قريباً، وإن كانت درجات الحرارة المتصاعدة قد تكون عاملاً رادعاً لتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين. 
وتأتي أزمة الهجرة في وقت لم تنته فيه جائحة «كوفيد-19»، وإن أصبحت أقل خطورة مما كانت عليه في بداية العام. ولهذا السبب، تستغل إدارة بايدن مخاوف الصحة العامة لطرد معظم البالغين الذين يعبرون الحدود، وإن كانت بعض المنظمات القانونية تطعن في هذه السياسة. 
وأياً تكن الحلول التي سيتم إيجادها على المدى القصير، فإن المشكلة الأساسية تتمثل في أن الولايات المتحدة لا تمتلك سياسةَ هجرة عملية وقابلة للتنفيذ تحظى بدعم كلا الحزبين، وإن كان هناك عدد من «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» في الكونجرس الذين يتفقون على ضرورة إيجاد طريقة لمعالجة المشكلة بشكل دائم. ويرى العديد من الاقتصاديين أن مزيداً من الهجرة أمر ضروري إذا كانت الولايات المتحدة تريد الحفاظ على قوتها الاقتصادية، بل واسترجاعها، في بعض الجوانب. غير أن هذا يعني منح الأولوية للمهاجرين القانونيين الذين يستطيعون أن يصبحوا جزءاً من البنية التحتية الاقتصادية بسرعة. 
والمعضلة هي أن الاقتصاد الأميركي يحتاج إلى كل من العمال المتعلمين والأقل تعلماً من أجل توفير اليد العاملة الضرورية لدعم نمط حياة الطبقة المتوسطة الذي ما زال معظم الأميركيين يتوقون إليه. غير أن كيفية تطبيق هذه السياسة بشكل منصف وإنساني تمثّل كابوساً سياسياً يبدو أن فريق بايدن لم يكن مستعداً له. وبالنظر إلى الهوامش الضيقة التي يسيطر بها الديمقراطيون على الكونجرس، فإنه من الصعب رؤية كيف يستطيع توقع دعم الحزبين لإصلاح نظام الهجرة في وقت أصبح فيه الموضوع نفسه مشكلةً رئيسيةً ستكون حاضرة بقوة في الانتخابات النصفية في نوفمبر من العام القادم.