مع مرور جائحة تركت العالم في حالة من الذهول والصدمة، لم تقف طويلاً دولة الإمارات العربية المتحدة على أعتابها، لتستأنف من جديد أنشطتها، ومبادراتها والتي امتازت من بينها المبادرات الإنسانية والإغاثية، التي طرقت أبواب العالم، واقتربت من الجموع، بحنو إماراتي إنساني أصيل، في وقت حتم على أفراد العائلة الواحدة البقاء في حالة من البعد أو التباعد. 
وقد تعالت أصوات الترحيب العالمية بالإدارة الإماراتية لهذه الأزمة، كالتي شهدناها مؤخراً من قبل المجلس الاستشاري العلمي العالمي لـ«ديهاد»، (ديساب) بمنح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، جائزة أفضل شخصية دولية في مجال الإغاثة الإنسانية لعام 2021 مؤخراً، والتي تعتبر بالفعل تأكيداً على اللقب الذي استحقه سموه، إزاء وافر العطاء الذي يكرسه -حفظه الله - خدمةً للإنسانية، وإيماناً عميقاً بوحدة المصير الإنساني، وإخلاصاً من قيادته لرسالة دولة الإمارات المتجذرة، والتي ورثها عن الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله. 
رؤية القائد الفذ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد - حفظه الله - نحو الإنسان والإنسانية، ترجمت من خلال إرادته الجادة خلال هذه الفترة الصعبة بشكل خاص، إذ لم تقتصر الجملة التي قالها في بداية الجائحة «لا تشلون هم» على مواطني ومقيمي دولة الإمارات فحسب، بل امتد صدقها وهمتها لـ 134 دولة حول العالم، لتشد على أياديهم وتقول لهم بأن عاصمة المحبة والسلام والتعايش والأخوة الإنسانية، تقف بجانبكم في وجه كافة التحديات المشتركة، محولةً ساحات تلك الدول ومعارضها لمستشفيات ميدانية، وإنشاء العديد من المستشفيات المتنقلة لخدمة أكبر قدر ممكن من الأفراد، وتوزيع المواد الغذائية بمختلف أصنافها في الولايات المتحدة الأميركية، وإمداد الصين بالقفازات والأقنعة الطبية، ودعم الإمدادات الطبية، ناهيك عن المبادرة الإنسانية السخية التي عملت على بث الطمأنينة في أفئدة الطلاب والعائلات العالقة في العديد من الدول مع بداية الجائحة، بإجلائهم عبر طائرات خاصة. 
وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية العاجلة التي انطلقت من أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، فإنها لم تكن جديدة عن عطائها، الذي لم تتردد في تقديمه على طبق مع «محبة»، ورأفة وإنسانية تنعكس من سياستها ونظامها المعاش على أرضها الطيبة، والتي أولت الإنسان أقصى اهتماماتها دون تفريق أو تمييز، بل وباحتضان ودعم بشتى أشكاله، وحنو على كل فرد يعيش على هذا الثرى الطيب. ففي الوقت الذي تخبطت به العديد من الدول بحثاً عن أدنى مقومات العناية الطبية، سعت الإمارات لعلاج الحالات الحرجة بالخلايا الجذعية، وتوفير كامل الدعم الصحي، والغذائي، والمالي. 
وعلى المستوى العالمي، تكفلت دولة الإمارات العربية المتحدة، بتقديم نسبة 80% من إجمالي المساعدات الدولية للبلاد المتضررة، بواقع ما يزيد على 1700 طن من المستلزمات الطبية، التي مثلت أبرزها أجهزة التنفس الاصطناعي، وفحوص الكشف عن الإصابة بفيروس (كوفيد-19)، إضافةً لمساعدة ما يزيد على خمسمائة ألف شخص من الكوادر الطبية.
وأما فيما يتعلق بالمبادرات التي تندرج ضمن مرحلة التعافي، فقد عملت على توزيع أكثر من سبعة ملايين جرعة من اللقاح، لتكون إحدى أولى الدول التي تسعى لتحصين مجتمعات العالم، بالتزامن مع أفراد مجتمعها ضد هذا الوباء الشرس، ناهيك عن النتائج القيمة التي تمخضت عن التعاون الذي عقدته مع منظمة الصحة العالمية، بتقديم عشرة ملايين دولار كمساعدة عينية للمنظمة، إضافةً لدعم خمسة عشر ألف كادر صحي، ومائة ألف عامل بالإمدادات الطبية في إيران وحدها. 
«إيماننا راسخ بوحدة المصير الإنساني»، هذا الإيمان هو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد إزاء كافة الجهود المبذولة لتعاون وتعاضد الإماراتي مع أخيه الإنسان دون تردد، ليقف العالم اليوم وقفة إجلال واحترام وعرفان لإخلاصه الكامل للإنسانية التي يتخذ منها سموه رسالة عالمية حضارية، تؤسس على تاريخ الأجداد المشرف، وتسعى لبناء اليوم والغد، فحفظه الله ذخراً وفخراً وأمناً لكل إنسان.