بعد مرور عام كامل على إعلان منظمة الصحة العالمية أن الفيروس الذي يتسبب في مرض كوفيد- 19 أصبح وباء، من المناسب أن نسأل: ما هو العمل الجماعي الذي نقوم به من أجل منع تكرار ما حدث؟ الجواب: لا شيء – أو على الأقل، لا شيء ذا أهمية. 
وإذا تحدثت مع بياطرة متخصصين في الحيوانات البرية وغيرهم من دعاة الحفاظ على الموارد الطبيعية، فإنهم سيقولون لك: إن انتشار «كوفيد- 19» من حيوان حي يعيش في البرية إلى البشر لم يكن غير مفاجئ فحسب، ولكن أيضاً أن انتشاراً مماثلاً يمكن أن يحدث من جديد. وعليه، فلا ترموا ما تبقى من مخزون الكمامات التي لديكم. 
تلك، على كل حال، خلاصة خرجتُ بها من ندوة عالمية عبر الإنترنت قمت بإدارة بعض جلساتها قبل بضعة أسابيع، وكان عنوانها: «الأمراض الصاعدة، وتجارة الحيوانات البرية، والاستهلاك.. الحاجة إلى حكامة عالمية قوية»، وعنوانها الفرعي: «البحث عن سبل لتجنب الأوبئة المستقبلية». وجمعت الندوة بعضاً من خيرة الخبراء المتخصصين في التفاعلات بين الحيوانات والبرية والبشر، واختتمت بخطاب ملهم للعالمة البريطانية الشهيرة جين جودل المتخصصة في الرئيسيات.
وقد أُعجبتُ حقاً بكيف لخّص أحد منظّمي الندوة، الأستاذ ستيف أوسوفسكي من جامعة كورنل، وهو طبيب بيطري متخصص في الحياة البرية، الارتباطَ القوي بين صحة الحياة البرية، وصحة الأنظمة البيئية، وصحتنا الخاصة – نحن البشر. 
وكما يشرح أوسوفسكي، فإن القول إن أغلبية من الفيروسات الصاعدة تأتي من الحياة البرية لا يعني إلقاء اللوم على الكائنات البرية. وإنما يعني أنه بسبب سلوكنا «فإننا نحن الذين ندعو هذه الفيروسات إلى غرفة معيشة البشر: ذلك أننا نأكل أجزاء من أجسام الحيوانات البرية؛ ونصطاد الأنواع البرية ونخلطها معاً في أسواق من أجل بيعها؛ وندمّر ما تبقى من الطبيعة البرية بوتيرة سريعة جداً – فكّر في إزالة الغابات – وكل ذلك يزيد من احتمالات لقائنا مع فيروسات جديدة». 
وما تشترك فيه هذه السلوكات الثلاثة، يضيف أوسوفسكي، هو «سبب بسيط على نحو مفاجئ، ألا وهو: علاقتنا المختلة مع الطبيعة البرية، والتي تقوم في كثير من الأحيان على افتراض متعجرف بأننا منفصلون بصورة ما عن بقية الحياة على كوكب الأرض».
إن الأمر بسيط للغاية: إن الغابات، وأنظمة المياه العذبة، والمحيطات، والمروج، والتنوع البيولوجي الذي بداخلها، هو ما يمنحنا، في الواقع، هواء نقياً، ومياهاً نظيفة، وحواجز تساهم في استقرار المناخ، والطعام الصحي الذي نحتاجه للازدهار، إضافة إلى حماية طبيعية من الفيروسات. 
ولهذا، فإذا حمينا تلك الأنظمة الطبيعية، فإنها ستحمينا. وهذه الحقيقة ينبغي أن توجّه وتؤطّر كل ما نفعله، من الآن فصاعداً، من أجل تجنب وباء آخر بسبب فيروسات مصدرها الحيوانات البرية. وهذا يعني اتخاذ ثلاث خطوات الآن:
أولاً، إدراك أن الكثير من الحيوانات التي يمكن أن تتسبب في أوبئة تستطيع الانتقال إلى البشر عبر ما يسمى بـ«الأسواق الرطبة»، التي تبيع خليطاً من الحيوانات الأليفة والوحشية من البر والبحر – مكدسة في أقفاص معاً، إلى جانب الفيروسات التي تنقلها. 
وقد ذكر تقرير يوم الاثنين على إذاعة «إن بي آر»، أن المسؤولين الصينيين أنفسهم يعتقدون أن حيواناً من الثدييات في واحدة من مزارع الحيوانات البرية في الصين، كانت الناقل المحتمل لفيروس كورونا من خفاش إلى البشر. ولهذا، يجب على بكين أن تكبح نظامها الغذائي الذي يشمل أكل حيوانات برية. 
ثانياً، يتعين على الدول الغنية أيضاً أن تعمل معاً من أجل تعزيز جهود الشرطة الدولية «الإنتربول» وجهود جديدة أخرى للقضاء على سلاسل التوريد غير القانونية المتعلقة بالحيوانات البرية، والتي تزوّد هذه الأسواق الرطبة بأنواع من الحيوانات البرية المهدَّدة بالانقراض والتي يوجد إقبال مطبخي و/أو ثقافي كبير عليها. 
وينبغي على أميركا أن تهدِّد بحظر كل التجارة غير القانونية من أي بلد يرفض إيقاف تجارته غير المشروعة في الحيوانات البرية. فإذا كانت الرؤوس النووية المنفلتة تقتل، فكذلك الحال أيضا بالنسبة لحيوان البنغول أو آكل النمل.
ثالثاً وأخيراً، هناك إزالة الغابات. فما تفعله البرازيل مع غابتها المطرية، وما نفعله مع زحفنا العمراني، وما تفعله الصين مع توسعها العمراني السريع إلى المناطق البرية، هو شأن يعنينا جميعاً. هذه البلدان الثلاثة تعمل جميعها على إزالة حواجز طبيعية وتوسيع الواجهة، أو نقاط الاتصال، بين الحياة البرية والناس، والتي فيها تظهر الأوبئة. وهذا يجب أن يتوقف. 
ويقول أوسوفسكي: «إذا كانت الشركات متعددة الجنسيات ما زالت تستطيع القيام بقطع الأشجار أو التعدين على نطاق واسع في ما تبقى من غابات العالم العظيمة من دون أن تدفع ثمن الأخطار الحقيقية جداً التي تتسبب فيها تلك الأنشطة لنا جميعاً، فإننا سنحصل على ما نستحق»، مضيفاً: «غير أنه لو كانت الشركات مرغمة على دفع ثمن عن أخطار الأوبئة المرتبطة بهذه الأنشطة، فربما امتنعت عن القيام ببعض تلك المشاريع أصلاً». 
كاتب وصحافي أميركي 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/03/16/opinion/covid-pandemic.html