تشتهر دولة الإمارات العربية المتحدة بموانئها المتميزة التي تؤدي من خلالها مهام تجارية ولوجستية فريدة، جعلتها شريانًا من شرايين التجارة العالمية؛ إذ أحدثت الموانئ في الدولة نقلات نوعية مكّنتها من الإسهام بفاعلية في النهضة التجارية والاقتصادية على مدى خمسين عامًا مضت، لتستعد الآن للمضي نحو خمسين عامًا مقبلة بمزيد من التطور والتحديث؛ وخصوصًا أن قطاع الموانئ تجاوز في أعماله حدود النقل التجاري والارتباط مع أهم وجهات الشحن البحري الدولي، للتحول إلى بيئة متكاملة من الأعمال عبر المناطق الحرة المرتبطة به.
وعلى مدى سنوات ثلاث مضت، احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى عربيًّا والرابعة عالميًّا من حيث جودة البنى التحتية للموانئ، بحسب تقرير صادر عن «موردر إنتيليجانس» للاستشارات والأبحاث، كما حافظت على المركز الأول عربيًّا في الربط البحري مع الموانئ العالمية، إذ تمتلك الدولة أكثر من 20 ألف مؤسسة وشركة بحرية تشكّل تجمّعًا بحريًّا يعدّ الأكبر على مستوى المنطقة. إضافة إلى كل تلك النجاحات؛ عزّزت الدولة مكانتها في الصناعة البحرية العالمية وأصبحت مركزًا لوجستيًّا دوليًّا لسلاسل التوريد الدولية وتدفق السلع العالمية، نظرًا لما تتسم به من موقع استراتيجي وتطور في إمكانات المناولة والبنية التحتية، وكفاءة عالية من التعامل مع السفن والناقلات البحرية والشحنات كافة، وقدرة استيعابية فائقة في التخزين، وتوافر شبكة متطورة للنقل الجوي والبري فيها.
وتشكل محفظة الموانئ في دولة الإمارات، التي تشمل 12 منفذًا بحريًّا تجاريًّا، وموانئ نفطية، و310 مراسٍ بحرية، بحمولة تصل إلى 80 مليون طن من البضائع، رافدًا حيويًّا لتنويع الاقتصاد الوطني ودعم مسيرة التنمية الشاملة؛ إذ بلغت قيمة القطاع في عام 2019 نحو 200 مليار درهم أسهم خلالها بنحو 5% من إجمالي الاقتصاد المحلي، كما تحوّل عدد من أقدم الموانئ إلى موانئ سياحية عززت نمو القطاع السياحي ومكانة الدولة على خارطة السياحة البحرية عالميًّا، إضافة إلى اهتمام الدولة بإنشاء موانئ عصرية خُصصت للشحن والنقل البحري والعمليات اللوجستية.
ويُسجّل لموانئ دولة الإمارات، التي تستحوذ على نحو 60% من إجمالي حجم مناولة الحاويات والبضائع المتجهة إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إسهامها الكبير في مسيرة التطوير والنهضة التي تعمل الدولة على تحقيقها في مؤشرات التنافسية العالمية؛ من خلال تبوؤ مكانة متصدرة عالميًّا ضمن مجموعة من المؤشرات المتخصصة في تصنيف الموانئ وخدمات النقل البحري والشحن؛ إذ تستقبل ما يزيد على 12 مليون حاوية سنويًّا ويرتادها أكثر من 21 ألف سفينة في العام الواحد. وفي هذا السياق لا بدّ من الإشارة إلى أبرز الموانئ الإماراتية التي أثبتت حضورًا فاعلًا على المستويات الإقليمية والدولية، وحظيت بمكانة مرموقة على صعيد التجارة البحرية؛ مثل ميناء زايد، الميناء الرئيسي لأبوظبي، وميناء راشد، بصفته أول ميناء حديث في دبي ويقع على ممرات التجارة التقليدية، وميناء جبل علي الذي بات البوابة المحورية لتمكين التجارة في المنطقة وخارجها، وحلقة حيوية في شبكة التجارة العالمية، وغيرها من الموانئ التي تعدّ مراكز إقليمية ودولية رائدة، وأداة مهمة من أدوات دفع عجلة النمو ودعم سياسة التنويع، ونافذة استيراد وتصدير للسلع والبضائع المختلفة والنفط والبتروكيماويات.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.