يعبّر إعلان الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، يوم الثلاثاء الماضي، إصدار رخصة تشغيل الوحدة الثانية لمحطة براكة للطاقة النووية السلمية، عن مواصلة دولة الإمارات العربية المتحدة لإنجازاتها، برغم الظروف الاستثنائية التي تعصف بالعالم في هذه الأثناء، من جرّاء جائحة كورونا، كما أنه يؤكد عدم تنازلها عن تحويل الطموحات إلى واقع ينعكس إيجابيّاً على مسيرة التنمية المستدامة، ويوفّر حياة آمنة ومستقرة، ومستقبلاً مستداماً للأفراد.
ويأتي إعلان الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، الجهة الرقابية المسؤولة عن تنظيم القطاع النووي في دولة الإمارات، إصدار رخصة تشغيل الوحدة الثانية لـ «براكة»، دلالة صريحة على قدرة الدولة على تعزيز مكانتها المتصدرة، بوصفها أول دولة عربية تُشغّل محطة للطاقة النووية، ونجاحها في تبوؤ مراتب متقدمة عالميّاً في مؤشرات التنافسية، وتتويجاً لجهود الدولة في مجال إنتاج الطاقة النظيفة، وفق تدابير رقابية صارمة تضمن معايير السلامة والأمان، وعمليات تفتيش دقيقة للمحطة خلال مراحل الإنشاء والتطوير كافة.
ويمثّل إصدار رخصة تشغيل الوحدة الثانية لمحطة «براكة» مسيرة دولة الإمارات التي اتسمت بالتميز والريادة منذ أن تأسست على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لتواصل هذا التميز من بعده، قيادتنا الرشيدة ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، التي لم تتوقف يوماً عن تحويل الرؤى إلى واقع ملموس، أوصلها قبل نحو شهر إلى مدار المريخ عبر مسبار الأمل، ولتدخل اليوم عصر إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية السلمية، معلنة للعالم أن «لا شيء مستحيل» على أدمغة أبناء الإمارات الذين أنعم الله عليهم بقيادة مكّنتهم من امتلاك مهارات ومعارف وخبرات، أهّلتهم لتحقيق كل تلك النجاحات.
وأدركت دولة الإمارات أنه لكي تنجح في تحقيق خططها الرامية إلى تنويع الاقتصاد، والانتقال إلى عصر ما بعد النفط، لا بدّ لها أن تبرع في تعزيز نمو القطاعات الحيوية غير النفطية، وانطلاقاً من ذلك كلّه، التفتت إلى تزايد احتياجاتها إلى طاقة كهربائية أكبر لتشغيل تلك القطاعات، وتلبية احتياجات السكان الذين تتنامى أعدادهم، من الكهرباء والماء، عبر توفير مصادر إضافية للطاقة تدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتتفق مع متطلبات تغير المناخ. ومن هنا، جاء قرارها في إنتاج طاقة نووية آمنة ومجدية وصديقة للبيئة، وتوفر كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية من دون انبعاثات كربونية ضارة تقريباً.
لقد جاء قرار الدولة الخاص بإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية متّسقاً مع أهدافها الاستراتيجية في تنويع مصادر الطاقة، وضمان أمنها المستقبلي، ومساعيها الرامية إلى تطوير صناعات ذات تقنية عالية، تتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، وتوفر فرصاً وظيفية مميزة لمواطنيها على مدى عقود قادمة، ولذلك توجهت إلى بناء وتشغيل محطة للطاقة النووية، تعمل على تنويع مصادر الطاقة وتدعم استراتيجيتها في الطاقة، وتوفر 25% من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية عند تشغيل جميع الوحدات في محطة «براكة» للطاقة النووية، التي أقيمت في منطقة الظفرة في أبوظبي، واستُكمِل بناء الوحدة الأولى فيها في مارس 2019، واستُكمِل بناء الوحدة الثانية في يوليو 2020.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.