تعدّ مكافحة التطرف والإرهاب قيمة عليا وهدفاً استراتيجيّاً لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي عملت من أجل تحقيقه على صياغة استراتيجيات وإنشاء مؤسسات، كرّست مهامها لإحلال السلام ثقافة وممارسة بين الشعوب والدول، وجعْل التعايش والتسامح وقبول الآخر القيم الأسمى في التعاملات والعلاقات، فالإرهاب بجميع صوره وأشكاله مرفوض لدى دولة الإمارات، ومواجهته جعلتها تحافظ على التزاماتها في التصدي للأيديولوجيات المتطرفة التي تتخذ العنف والوحشية والكراهية منهج حياة لأصحابها.
وفي إطار جهود مكافحة الأيديولوجيات المتطرفة عبر شبكة الإنترنت، أعلن مركز «صواب»، الذي أطلقته دولة الإمارات في عام 2015 بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، إطلاق حملة جديدة ابتداءً من يوم الأحد 7 إلى 12 مارس الجاري، تحت عنوان (#إفريقيا_ضد_التطرف) باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية على منصات التواصل الاجتماعي، (تويتر وفيسبوك وإنستغرام ويوتيوب)، وذلك لتسليط الضوء على التطرف في أفريقيا، عبر عرض قصص إنسانية تعرض الدمار الذي تعرضت له عائلات بسبب إرهاب الجماعات المتطرفة، مثل: «داعش» و«بوكو حرام» اللتين مارستا انتهاكات ونشر أفكار لا تمتّ إلى الدين أو الإنسانية بأي صلة.
إن اهتمام دولة الإمارات بإطلاق حملة (#إفريقيا_ضد_التطرف) جاء لإيمانها المطلق بأن الإرهاب والتطرف آفتان خطيرتان على أمن الأفراد واستقرار المجتمعات والدول، ويتم استخدامهما من قبل الجماعات المتطرفة، ليس على أرض الواقع فقط، وإنما من خلال استغلال التقنيات المتقدمة ووسائل التواصل الاجتماعي التي وجد الإرهابيون فيها مرتعاً لبث أفكارهم الهدّامة والمسمومة، وخصوصاً في أفريقيا التي شهدت مؤخراً ارتفاعاً في معدل الهجمات الإرهابية، وتنامياً ملحوظاً لجماعات متطرفة تمجّد العنف وتذكي نار الفتنة، بهدف زعزعة استقرار دولها والمساس بأمن وحياة مواطنيها.
لقد قدّمت دولة الإمارات كل الإمكانيات اللازمة لمحاربة الإرهاب، فأقرّت قوانين وتشريعات تجرّم التطرف وممارسيه من أفراد وجماعات إرهابية، منها: القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2014 في شأن مكافحة الجرائم الإرهابية، ومرسوم بقانون اتحادي رقم (2) لسنة 2015 في شأن مكافحة التمييز والكراهية، ومرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والمرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 في شأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة. كما بذلت الدولة جهوداً كبيرة لتعزيز التواصل على المستوى الدولي لرصد شبكات تمويل الإرهاب وإيقافها، وضبط الخطاب الديني في منابرها الدينية والإعلامية، والمناهج التعليمية، بما يعزز التسامح وترسيخ قيم التعايش السلمي والتآخي، ونبذ التعصب والتطرف والانغلاق ومكافحة العنف والكراهية.
إن تحوّل الإرهاب إلى ظاهرة عالمية معقدة ومتعددة الأوجه، وتجاوزه الحدود والثقافات والأديان، وعدم اقتصار محاربته على الأساليب العسكرية فقط، جعل دولة الإمارات تتخذ أساليب جديدة لمواجهته، فانتقاله إلى الفضاء الإلكتروني، استلزم الالتفات إلى ضرورة تطوير واستحداث الأدوات المتبّعة في كل ذلك، من خلال التركيز على وسائل التواصل الاجتماعي، لجعلها أداة رئيسية في معركة المواجهة. ومن هنا قامت الدولة، ومن خلال مركز «صواب»، باعتماد العديد من الحملات الإلكترونية، وصل عددها مع الحملة الأخيرة إلى 53 حملة، تهدف إلى معالجة الراديكالية وعمليات التجنيد عبر الإنترنت، وتسخير الشبكة العنكبوتية لجعلها منبراً لتصويب الأفكار المغلوطة، ووضعها في مسارها الصحيح، دينيّاً وإنسانيّاً وثقافيّاً.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية