لطالما كان الإنسان في بؤرة اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة، سواء على المستوى المحلي الداخلي أو الخارجي؛ فهي لا تتوانى عن الإسهام في المساعي العالمية من أجل توفير حياة أفضل للجميع أينما كانوا؛ وبالتحديد الفئات الأكثر تضرراً في المجتمعات؛ وهم الأطفال. 
وتركز الدولة بشكل كبير على المبادرات التي تهدف إلى حماية هذه الفئة المهمة والأساسية في أي مجتمع من الأمراض، وتوفير حياة صحية سليمة لهم حتى يتمكّنوا من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، ويقوموا بدورهم، سواء في خدمة أسرهم، أو مجتمعاتهم، أو حتى عالمهم الأوسع.
وفي هذا السياق، تقوم الدولة منذ سنوات بدور ريادي، بل وتقود الجهود الدولية الرامية إلى التخلّص من مرض شلل الأطفال؛ مستلهمة في ذلك الأسس والمُثل التي رسخها المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحقّقت نجاحات مميزة.
وتنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أعلنت إدارة المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان النتائج السنوية لحملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال التي نُفّذت في جمهورية باكستان الإسلامية خلال الفترة من عام 2014 وإلى نهاية عام 2020، حيث نجحت الحملة في إعطاء 508 ملايين و92 ألفاً و472 جرعة تطعيم ضد مرض شلل الأطفال خلال 7 سنوات لأكثر من 86 مليون طفل باكستاني. 
ويأتي هذا ضمن إطار مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، لاستئصال مرض شلل الأطفال في العالم، وذلك في إطار النهج الإنساني لدولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع المنظمات والمؤسسات الدولية لتطوير برامج التنمية البشرية، والحد من انتشار الأوبئة والوقاية من الأمراض، وتقديم المساعدات الإنسانية والصحية للمجتمعات والشعوب المحتاجة والفقيرة، ودعم المبادرات العالمية للتخلص من هذا المرض؛ حيث خصص سموه منذ عام 2011 مبلغ 250 مليون دولار أميركي، إسهاماً منه في الجهود الإنسانية والخيرية لتوفير اللقاحات اللازمة وتمويل حملات التطعيم ضد شلل الأطفال. وهذه من أهم المبادرات الصحية الإنسانية على مستوى العالم التي أثبتت فاعليتها في أصعب وأكبر المناطق الحاضنة للمرض في جمهورية باكستان وأفغانستان، واستطاعت تحقيق أهدافها الإنسانية النبيلة، ودعم الجهود العالمية وبرامج الأمم المتحدة وتمكين الدول والحكومات من تطوير برامجها الصحية بما يساعدها في الوقاية من الأمراض والتخلص من الأوبئة، وتنمية سلامة الأطفال وتعزيز صحتهم. 
وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى انخفاض حالات الإصابة بالمرض على مستوى العالم من 350 ألف حالة عام 1988 إلى بضع عشرات الآن وفي دول محدودة. وبالرغم من الظروف التي فرضتها جائحة كورونا؛ فإن العمل مستمر من أجل استئصال مرض شلل الأطفال بشكل نهائي من العالم؛ وإن شاء الله سيأتي اليوم الذي يتم فيه إعلان هذا الإنجاز قريباً. 
وينطوي التخلّص من مرض شلل الأطفال على أهمية كبيرة؛ حيث يسهم في: أولاً، حماية الأطفال وتأمين مستقبل أفضل لهم. وثانياً، درء المخاطر عن كاهل المجتمعات الفقيرة والمحتاجة. وثالثاً، توفير عائدات اقتصادية من 40 إلى 50 مليار دولار أميركي على مدى السنوات العشرين المقبلة، معظمها في البلدان المنخفضة الدخل؛ وفقاً لمنظمة الصحة العالمية أيضاً.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية