احتفت مملكة البحرين في الرابع عشر من فبراير بالذكرى العشرين للتصويت على ميثاق العمل الوطني الذي يشكل نقلة في تاريخها الحديث ونقطة تحول نوعية جسدت رؤية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بموجب مبادرة ذاتية وطنية استشرافية لمستقبل المملكة، بغية الانتقال نحو آفاق عصرية غير مسبوقة في كل المجالات. لقد أعاد ميثاق العمل الوطني صياغةَ الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البحرين، لتجسد نموذجاً رائداً للإصلاح السياسي والانتقال السلمي نحو الديمقراطية وإقامة دولة المؤسسات والقانون وتعزيز العمل الوطني. لقد تحققت بهذا الميثاق الشراكة الوطنية عندما خرج شعب البحرين في 14 فبراير 2001 ليقول بأغلبيته الساحقة (98.4%) نعم لميثاق العمل الوطني الذي يمثّل وثيقةً متكاملةً للإصلاح والتحديث، بقواعد دستورية وقانونية ومؤسسية راسخة وثابتة تحدد الحقوق السياسية والحريات العامة. إنه وثيقة تاريخية أقرت المقومات الأساسية للدولة والمجتمع، ولعلاقات البحرين الخليجية والعربية والدولية. 
لقد تحرك المشروع الإصلاحي الذي أطلقه ملك البحرين فور توليه السلطة، وجسّد الميثاق الوطني القاعدة الأساسية لجميع التغييرات السياسية التي شهدتها المملكة في عصرها الإصلاحي الشامل. وكرس الدستور البحريني المعدل لعام 2002 كل هذه المكتسبات الوطنية التي جاء بها الميثاق الوطني، حيث مهّد الميثاق لإعادة إطلاق الحياة السياسية والديمقراطية في البحرين، وأُجريت انتخابات المجالس البلدية في أبريل 2002، ثم انتخاب أعضاء مجلس النواب في أكتوبر من العام نفسه لتنعقد أولى جلساته يوم 14 ديسمبر.. ولتبدأ المسيرة الديمقراطية في مملكة البحرين عهداً جديداً. 
لقد نجحت التجربة الديمقراطية البحرينية رغم التحديات الداخلية والخارجية، وواصلت المسيرة الديمقراطية تطورها بإجراء الانتخابات النيابية التكميلية عام 2011 ثم انتخابات عام 2014، فانتخابات 2018، وتعزز الدور الرقابي والتشريعي للسلطة التشريعية. 
ومنذ أن انطلق المشروع الإصلاحي الديمقراطي في البحرين، ظلت القيادة البحرينية تؤكد على أنه مهما كانت العقبات والتحديات التي قد تواجهها التجربة، فلا تراجع عن المشروع الإصلاحي ولا عن تنفيذه، وهو ما حصل بالفعل عام 2011، إذ نجحت مملكة البحرين، بفضل حكمة قيادتها ودعم أشقائها في مجلس التعاون الخليجي، في تجاوز أحداث الفوضى التي وقفت وراءها منظمات ودول في ذلك العام. لقد نجحت البحرين بينما وقعت دول في دوامة الحرب الأهلية والفوضى السياسية، إذ اتخذت حزمة من الخطوات والإجراءات الصحيحة كلها، في مجالات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية، وذلك بهدف المحافظة على ما تحقق من مكتسبات، وليثبت البحرينيون للعالم بأن ميثاق العمل الوطني أسَّس القواعد الثابتة لدولة تستطيع الصمود والتغلب على جميع التحديات والاستمرار في استكمال مسيرتها التنموية والحضارية بثبات وتقدم. 
ويمثل ميثاق العمل الوطني أهميةً خاصةً في التاريخ السياسي لمملكة البحرين، كما يعتبر نموذجاً رائداً لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة، دولة المؤسسات والقانون. واليوم تثبت البحرين للعالم أن ميثاق العمل الوطني، وبعد إقراره والتصويت عليه شعبياً، شكّل أساساً ثابتاً لدولة تستطيع الصمود والتغلب على جميع التحديات، وقاعدةً راسخة لمملكة دستورية ما فتئت تخوض مسيرتها التنموية والحضارية بثبات وتقدم.