شَكّل نجاح «مسبار الأمل» في دخول مداره حول كوكب المريخ لحظة مهمة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة والعالم العربي عامة، فمن خلال هذا الإنجاز أصبحت الإمارات الدولة الأولى عربياً والخامسة عالمياً التي تحقق هذا الإنجاز، والدولة الثالثة في العالم التي تصل لمدار المريخ من المرة الأولى ناقلة بهذا الإنجاز مستوى طموحها من الأرض إلى الفضاء.
وينطوي هذا الإنجاز الإماراتي الجديد على دلالات عدة مهمة، أهمها: إدراك القيادة السياسية الرشيدة لهذا البلد لأهمية الاستثمار في الفضاء وبناء قاعدة معرفية وخبرات وطنية في هذا المجال تعزز من النموذج التنموي الإماراتي الرائد إقليمياً وعالمياً، والذي يأتي ضمن حرص هذه القيادة على مواكبة التحولات العالمية المتسارعة في تحركها لبناء مستقبل أكثر ازدهاراً لشعبها خلال الخمسين عاماً المقبلة. فالتنافس على الاستثمار في الفضاء أصبح أكثر وضوحاً بين القوى الدولية الساعية إلى تعزيز مكانتها على الساحة الدولية، وذلك بالنظر إلى المردودات الإيجابية المتوقعة من هذا الاستثمار على المجالات التنموية والعسكرية على السواء. 
ومن هذه الدلالات أيضاً حرص دولة الإمارات على أن تكون مساهماً فاعلاً في التحركات العالمية الساعية لرسم مستقبل الحضارة البشرية، واستعادة الدور الرائد الذي لعبه العرب في صناعة الحضارة الإنسانية، إضافة إلى حرصها على تقديم نموذج ملهم للشباب العرب وتغيير صورة المنطقة العربية في مخيلة الرأي العام العالمي كله بعد عقود ارتبطت فيها هذه المنطقة بالعنف والصراعات والإرهاب، ومن هنا جاءت تسمية المسبار بـ«مسبار الأمل».
لا شك في أن هذا الإنجاز الإماراتي سيعزز من قوة الإمارات الناعمة في المنطقة والعالم كله، وسيعزز من جاذبية النموذج التنموي الرائد الذي تقدمه الإمارات المبني على قيم الإنجاز والابتكار والمعرفة، والذي تحاول دول كثيرة في العالم الاقتداء به، في الوقت الذي تعمل فيه الإمارات على ترسيخه مستقبلاً من خلال خطط واستراتيجيات طموحة تعكف على وضعها حالياً للخمسين عاماً المقبلة.
ولا تقتصر المردودات الإيجابية لهذا الإنجاز الإماراتي على الإمارات والعرب فقط، بل ستسهم في خدمة البشرية كلها من خلال ما ستتيحه من معلومات مهمة سيتم وضعها في خدمة المجتمع العلمي العالمي، حيث يشكل المسبار بداية لسلسلة مهام علمية غير مسبوقة ستقدم صورة متكاملة للغلاف الجوي للمريخ للمرة الأولى في تاريخ البشرية، ومراقبة الظواهر الجوية، مثل العواصف الغبارية، وتغيرات درجات الحرارة، فضلاً عن تنوّع أنماط المناخ تبعاً لتضاريسه المتنوعة، وغيرها من المعلومات التي يمكن أن تتيح المجال أمام اكتشافات علمية جديدة تخدم البشرية كلها.
لقد كان مركز تريندز للبحوث والاستشارات حريصاً منذ البداية على مواكبة هذا الإنجاز الحضاري لدولة الإمارات والترويج له عالمياً، حيث نظم ندوة «عن بُعد» قبل أسبوع من وصول مسبار الأمل إلى مداره حول المريخ تحت عنوان: «تأثير الفضاء في إعادة تصميم مستقبل البشرية: الحدود الجديدة للجغرافيا السياسية والابتكار والاكتشاف» شارك فيها العديد من الخبراء الدوليين الذين أشادوا بخطط دولة الإمارات وطموحها في مجال استكشاف الكوكب الأحمر. كما وضع المركز برنامج الفضاء ضمن قائمة اهتمامات برامجه البحثية وفعالياته العلمية المختلفة، من منطلق إدراكه لأهمية قطاع الفضاء لاقتصاد المعرفة ولمستقبل البشرية كلها.