في العاشر من فبراير 2021 قامت ميليشيات «الحوثي» الإرهابية في اليمن المدعومة من إيران بالاعتداء السافر على مطار أبها المدني في المملكة العربية السعودية، مستهدفة الطائرات المدنية الجاثمة على أرض المطار، ما أسفر عن إصابة طائرة مدنية واحدة، واحتراق جزء منها.
ويعد هذا الاعتداء عملاً جباناً وتصعيداً خطيراً استهدف منشآت مدنية معرضاً أرواح مواطنين ومسافرين أبرياء، ويدخل ضمن جرائم الحرب الشنيعة وجريمة ضد الإنسانية تحتم على مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة وجميع الأطراف الفاعلة في شؤون المجتمع الدولي اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والأمنية لحماية المدنيين والمرافق المدنية ليس في المملكة وحدها، بل في جميع دول المنطقة حماية لها من العبث والممارسات الإرهابية التي يمارسها «الحوثيون» المدعومون من إيران مباشرة، وإلى حد كبير من قبل «حزب الله» اللبناني، خاصة في ما يتعلَّق بهذا النوع من الطائرات المسيرة والصواريخ والقذائف الأخرى التي تحملها.
والحقيقة هي أن جماعة «الحوثي» الإرهابية تمكنت في الآونة الأخيرة وبشكل متزايد من تسيير طائرات مسيرة حاملة لوسائل الموت والدمار تجاه أهداف مدنية في المملكة بشكل بشكل لافت للنظر، وهي قدرات عرف عنها تقليدياً بأنها مجال محصور في أيادي الدول المتقدمة تكنولوجياً.
وفي حين أن الجماعات الإرهابية في المنطقة كـ «الحوثيين» و«داعش» كانوا قد تمكنوا في فترات سابقة من تحويل طائرات مسيرة، كانت معدة للاستخدامات المدنية، وتحويلها إلى استخدامات إرهابية، إلا أن أنواعاً من المضادات الجوية كانت قادرة على اكتشافها وإسقاطها بسهولة، لكن ما يستخدمه «الحوثيون» حالياً هو نمط من الطائرات المسيرة الأكثر تطوراً التي يتم تصنيعها في إيران للاستخدامات العسكرية، ويتم تهريبها كقطع مجزأة إلى داخل اليمن، حيث يتم تجميعها من قبل متخصصين إيرانيين وكوادر من «حزب الله».
وهنا مكمن الخطر على جميع دول المنطقة، وليس على المملكة العربية السعودية وحدها، ما يطرح سيلاً من التساؤلات الملحة التي تحتاج إلى إجابات أكثر إلحاحاً.
لكن السؤال الأكثر أهمية، هو هل يوجد خطر كبير جداً من استخدام الطائرات المسيرة من قبل «الحوثيين» الإرهابيين قادم في الأفق، لكي يستخدم ضد الجميع؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل بوسع المضادات الجوية لدى دول المنطقة التصدي لها وإسقاطها سريعاً قبل أن تصل إلى أهدافها، كما حدث لمطار أبها؟ وربما أن من المحتم القول بأنه ليس لدى «الحوثيين» القدرة الهائلة على تسيير هذا النمط من الطائرات بشكل مكثف لكي تصل إلى مسافات أبعد.
فإن أسوأ سيناريو يمكن تصوره لحيازة «الحوثيين» لهذا النمط من وسائل الإرهاب، هو الحاق الأضرار الخفيفة بالمنشآت المدنية التي عادة ما تستبعد الدول المتحضرة ضربها كأهداف عسكرية، وذلك دون إلحاق أضرار تؤدي إلى مقتل المدنيين العزل.

 ما أعتقده هو أن «الحوثيين» ذاتهم ليس لديهم القدرة المادية ولا المعرفة التكنولوجية اللازمة لإنتاج أعداد ضخمة من هذا النوع من الطائرات أو زيادة كفاءتها في المستقبل القريب، ما لم تكن إيران هي التي تقف وراء ذلك وتدعمهم دون حدود أو أسقف، وبالإضافة إلى ذلك، فإن المسؤولين العسكريين لدول المنطقة يعترفون صراحة بأن حيازة «الحوثيين» للطائرات المسيرة من هذا النوع لا يشكل مخاطر حقيقية على سير المعركة في الميادين العسكرية، وكل ما يستطيع «الحوثيون» القيام به هو التسلل الخفي المخادع لضرب أهداف مدنية صرفة.
لكن حتى التهديدات منخفضة المستوى هذه تتطلب يقظة تامة للتصدي لها والحيلولة دون وقوعها ما يتطلب بدوره عمليات استخبارية ولوجستية وتكنولوجية دول المنطقة قادرة على توفيرها، وحفظ الله المملكة العربية السعودية وأشقاءها الخليجيين جميعاً من كل سوء.
* كاتب إماراتي