بات التقدّم والصدارة عنوانين لصيقين بدولة الإمارات العربية المتحدة، التي لم تتوانَ عن تقديم كل الإمكانات والتسهيلات التي تحفّز الإبداع وتعزز أدوات الابتكار والمعرفة، معتمدةً على ما توصّل إليه العلم من تقدّم تقني، وعلى ما طرأ من تغييرات على الاستراتيجيات الخاصة بتنوع الاقتصاد، بحيث تجعل التركيز الأكبر على القطاعات الحيوية التي تقع خارج نطاق الاقتصاد النفطي، وتثري العلوم وتعزّز المعارف التي تخدم الإنسانية على الصُعد كافة.
التميّز الأبرز الذي أضيف مؤخراً إلى سجلِّ دولة الإمارات الحافل بالنجاحات، كان وصولَ مسبار الأمل، الذي صُنع بأيادٍ إماراتية خالصة، إلى مداره في المريخ، في إنجاز استحقت عليه دولتنا لقب الرائدة، وهو ما اعتبره سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، عنوانًا جديدًا لصدارة الدولة إقليميًّا ودوليًّا، ونقطة تحوّل نوعية في سجلّ الإنجازات التي تحقّقت بفضل رؤية القيادة الرشيدة وثقتها بأبنائها، ما جعل من وصول المسبار إلى مداره من المحاولة الأولى، لحظة تاريخية تعدّ مبعث فخر واعتزاز لشعب دولة الإمارات وسائر الشعوب العربية.
ولم يقتصر ترسيخ دولة الإمارات لنجاحها على وصول مسبار الأمل إلى مدار الكوكب الأحمر فحسب، إنما استطاعت كذلك تبوؤ مكانة متقدمة في مؤشرات عالمية مهمة في الأيام القليلة الماضية، فنالت المركز الأول على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والـ21 عالميًّا على «مؤشر القدرات الإنتاجية»، المؤشر الجديد الذي استحدثه مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» لرصد أداء الدول في تحقيق أهدافها التنموية الوطنية، والوفاء بأهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، إذ تضمّن المؤشر مجموعة معايير فرعية، هي: الطاقة، ورأس المال البشري، وتقنية المعلومات والاتصالات، والمؤسسات، ورأس المال الطبيعي، والقطاع الخاص، والتغيير الهيكلي، ومعيار النقل.
أما المكانة المتقدمة الأخرى التي حازتها دولة الإمارات، فكانت بتبوئها المرتبة الأولى على مستوى المنطقة والثالثة عالميًّا، على مؤشر «أجيليتي» اللوجستي للأسواق الناشئة 2020، وجاءت في قائمة أفضل 10 دول في المؤشرات الفرعية الثلاثة كافّة، وذلك للمرة الأولى منذ انطلاق المؤشر، وهو ما تحقّق بفضل سياساتها الاقتصادية القائمة على انفتاح القطاع المالي، وشفافية البنية التنظيمية وأطر الحماية من الفساد، ونجاحها في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الشاملة لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومساعيها في تنويع اقتصادها وتبسيط قوانينها التنظيمية وتطوير قدراتها الرقمية.
كل تلك البيانات، وغيرها الكثير، تؤكد أن دولة الإمارات واصلت العمل على تحقيق مستهدفاتها الاستراتيجية في التقدّم والتطور، رغم التحديات التي عصفت بالعالم منذ العام الماضي، جرّاء انتشار جائحة كورونا التي غيّرت مسارات دولّ عدّة وجعلتها تكثّف الاهتمام أكثر بقطاع الرعاية الصحية لتجاوز الأزمة. لكن دولة الإمارات، إضافةً إلى اهتمامها بالتعامل مع الجائحة بسياسات وخطط صحية متأنية واستشرافية، قد عملت كذلك على إقرار مزايا وحوافز وتشريعات تتجاوز من خلالها التداعيات التي ألقت بها الجائحة على القطاعات كافة، وأهمها الاقتصادية، وتنفيذ طموحاتها المستقبلية كافة، عبْر عدم التوقف عن الخطط والبرامج التي كانت تعمل على تنفيذها قبل «عام الجائحة»، وأبرزها إتمام العمل على إطلاق «مسبار الأمل» لاكتشاف المرّيخ.
 * عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.