أقل من 6 كيلو مترات المسافة التي تفصل بين منزلي ومقر «مركز محمد بن راشد للفضاء» في منطقة الخوانيج بدبي، حيث يتحكم فريق من أهلي وناسي بمسبارٍ يبعد عن الكرة الأرضية بنحو 494 مليون كيلو متر، وقد دخل بالأمس في مدار كوكب المريخ، لتكون بلادي خامس خمس دولة في العالم توغلت في الفضاء وسبَرته إلى هذا الحد. 
وأخال أن لنا جميعاً حكاية خاصة مع «مسبار الأمل»، فلمؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قصته حين اجتمع بفريق رحلة أبولو الأميركية سنة 1976، منوهاً إلى أهمية رحلات الفضاء والتقدم في علومه، وإلى دور العلماء العرب الذين أرسوا قواعده منذ مئات السنين. وفي تهنئته لدولة الإمارات قال الأمير سلطان بن سلمان: «إن هذا الطموح لم يكن وليد اليوم وإنما كان منذ عام 1986 عندما التقيت الشيخ زايد رحمه الله، وكان يتحدث عن الفضاء ويذكر أدق التفاصيل».
ورحل الشيخ زايد عن دنيانا وقد كتب الفصول الأولى لهذه القصة، ليستكملها أبناء الإمارات بالفكرة التي تبنتها القيادة الواثقة من نفسها، والواثقة بأبنائها، في استكشاف المريخ من خلال مسبار فضائي، وهي الفكرة التي لم يمضِ على الإعلان عنها إلا سنوات قلائل وإذَا بالمسبار ينطلق أمام أعين العالم قبل نحو سبعة أشهر، وينجح قبل يومين في دخول مدار الكوكب الأحمر.
وهكذا، فثمة قصة لدولة الإمارات مع «مسبار الأمل»، قصة دولة لديها رؤية أبعد من الأفق، وطموح أعلى من السماء، ولا تعشق إلا التحدي، ولا ترضى لشعبها إلا المركز الأول.. وقد كان، وقد حدث، ليكون ذلك أساساً لما سيكون وسيحدث لدولة لا تعرف المستحيل. 
وللطفل الإماراتي قصته التي صاغتها الشاعرة الإماراتية أمل السهلاوي بقولها: «هل تعلم ما يمكن لمهمة إلى المريخ أن تفعله في مخيّلة الطفل؟ أنت تسمح له أن يمتد بخياله وإمكانياته إلى أبعد ما يمكن أن يصل إليه إنسان».
ولكل إماراتي وإماراتية قصته، فبعد أن ينوّه الدكتور عبدالسلام البلوشي بالمهندسين والمهندسات الإماراتيين الـ200 الذين عملوا ضمن فريق المسبار، يقول: «أما أنا وأنتم، فكلٌ في مجال تخصصه، عليه أن يبذل في العلم والمعرفة والتطوير كل يوم»، إذ السرّ في الالتحاق بالحضارة الإنسانية «يكمن في التخطيط السليم والمورد البشري والاستثمار والدخول والتكامل في سلاسل مع الدول المتقدمة». 
وللعرب قصتهم مع المسبار، فيقول الكاتب الكويتي محمد النغيمش: «ومن المفارقات أن مسبار الأمل إلى المريخ يشبه الشمعة، وكأنها محاولة إماراتية لإضاءة شمعة في فضائنا العربي الدامس». ويقول الكاتب المصري أحمد سعيد طنطاوي: إن إصرار الإمارات على أن يكون العد التنازلي لإطلاق المسبار باللغة العربية، وذلك للمرة الأولى لأي مشروع فضائي، هو مسعى «لإشعال شرارة الطموح لدى أي طفل أو طفلة يرون الصاروخ وهو ينطلق إلى السماء بعد عد تنازلي بلغتهم الأم».
ولأحفادنا قصصهم كذلك، إذ أن هذه الخطوة ما هي إلا بداية لخطة طموحة أعلنت عنها دولة الإمارات لبناء مستوطنة على المريخ بحلول عام 2117.