الاستثمار أنواع، منه قصير المدى، ومتوسط المدى، وطويل المدى. هذا النوع الأخير، يندرج تحته «مسبار الأمل» الإماراتي، والذي يعد نوعاً من الاستثمار الاستراتيجي في المستقبل. حيث بلغ حجم استثمارات دولة الإمارات في القطاع الفضائي 22 مليار درهم، في شكل دعم المشاريع والمهام التي يتضمنها برنامج الفضاء الوطني، بهدف تأسيس بنية تحتية قادرة على مواكبة تطلعات ومستهدفات البرنامج خلال الفترة المقبلة، خاصة مع التطور المتسارع المتنامي للصناعات الفضائية، والتوجه الدولي نحو تفعيل المبادئ الاقتصادية للاستفادة من مخرجات البرامج الفضائية.
وتأتت جاذبية الاستثمار في قطاع الصناعات الفضائية في الإمارات نتيجة عوامل عدة، هي: الدعم الرسمي والحكومي على أعلى المستويات، والأسس التشريعية والقانونية السليمة التي تنظم عمل قطاع الفضاء محلياً، والبنية التحتية المتطورة مثل مراكز التطوير والأبحاث العلمية ذات الصلة، إضافة إلى حجم الاستثمار الحكومي الهائل في هذا القطاع.
ويتضح حجم اقتصاد الفضاء (Space Economy) من حقيقة أن الاستثمار في الاقتصاد الفضائي عام 2010 بلغ أكثر من 50 مليار دولار، كما أن 30 في المئة من الرحلات الفضائية في نفس العام كانت لأغراض تجارية بحتة. ويشكل إطلاق الأقمار الاصطناعية جزءاً لا يستهان به من الاستغلال التجاري للفضاء، حيث يُقدَّر حجم صناعة إطلاق الأقمار الاصطناعية، والتي تندرج تحت قطاع «النقل الفضائي»، بأكثر من سبعة مليارات دولار سنوياً.
ويعتبر مسبار الأمل استثماراً مستقبلياً في ظل العوائد الاقتصادية التي استشرفتها العديد من الدراسات الأكاديمية، وهي العوائد المتوقع لها أن تساهم في زيادة مشاركة القطاع غير النفطي في التنمية الشاملة. فصناعة الفضاء الإماراتية، ومنها مسبار الأمل، تضيف تطوراً نوعياً في صناعة نطاق الاتصالات العريض للمستهلكين، ومُخرجاتها تقدم صادرات إماراتية جديدة. كما أنها تتيح لاقتصاد الدولة مجالات وعوائد وتوظيف جديدة، مثل مجال تعدين الفضاء الذي تُقدر قيمته المحتملة عالمياً بأكثر من 100 تريليون دولار أميركي.
وبكل تأكيد، شهد التاسع من فبراير الحالي، تحقق اكتمال انضمام الإمارات إلى نادي استكشاف المريخ وبناء المستوطنات البشرية المحتملة فيه، وهو أمر كفيل بزيادة تنافسية اقتصادها وتنويع موارده، وبتوسيع مشاركتها في صناعة المستقبل من موقع الريادة والابتكار، وبتمكين «رؤية الإمارات 2071» عبر اقتصاد يمتلك قوة التنوع والاستدامة.
*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية