قدم المسؤولون الحكوميون السابقون وأصحاب النفوذ من جميع الطوائف السياسية الكثير من النصائح للرئيس المنتخب جو بايدن ونائبته كامالا هاريس. تشمل الاقتراحات من يجب تعيينه، والسياسات التي يجب اتباعها، وحتى كيفية تزيين مكتب رئيس مجلس الوزراء.
احتفل الاقتصادي الأميركي «جورج شولتز» بعيد ميلاده المائة الشهر الماضي. وقال وزير الخزانة الأسبق في إدارة نيكسون لجمهور افتراضي في معهد السلام الأميركي، إنه شارك بفكرة في مذكرة لوزيرة الخزانة القادمة جانيت يلين.
بشكل عام، هناك إجماع على أن أميركا والعالم يواجهان لحظة محفوفة بالمخاطر في التاريخ، ويواجه فريق بايدن مهمة حاسمة لاستعادة سمعة الولايات المتحدة من حيث النزاهة والتعاطف والصلابة.
بينما كان يتمنى لبايدن التوفيق، حث شولتز الرئيس المنتخب ومستشاريه الجدد في السياسة الخارجية على تجنب توجيه تهديدات فارغة، محذراً من «عدم توجيه البندقية أبداً إلا إذا كنت على استعداد لسحب الزناد».
وردد تحذيره صدى آراء وزير الدفاع السابق روبرت جيتس. في الفصل الأخير من كتابه الجديد، «ممارسة القوة»، يمرر جيتس النصيحة التي تم تقديمها للجنرال جورج مارشال والجنرال دوايت أيزنهاور من معلمهما في الحرب العالمية الأولى، الميجور جنرال فوكس كونر: «لا تقاتل أبداً ما لم يكن يتعين عليك ذلك، ولا تقاتل بمفردك ولا تقاتل لفترة طويلة».
عندما سألته عن المقولة، حذر جيتس من أن الديمقراطيات يمكنها تحمل تضحيات الحرب لفترة محدودة فقط. وأوضح أنه لاحظ أن الأميركيين عارضوا كل حرب باستثناء السنوات الثلاث الأولى من الحرب العالمية الثانية، وبحلول خريف عام 1944، حتى فرانكلين روزفلت كان يواجه «إرهاقاً من الحرب» على الجبهة الداخلية. إنها ظاهرة نراها الآن في الحرب ضد «كوفيد - 19». إن التعب من الحرب هو أيضاً عنصر في جهود الإدارة الحالية لسحب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق.
يحتل جيتس مكانة فريدة في التاريخ الأميركي. عندما كان يشغل منصب وزير الدفاع خلال الفترة من 2006 إلى 2011، كان هو الشخص الوحيد الذي شغل هذا المنصب تحت رئاسة من مختلف الأحزاب السياسية.
في 17 نوفمبر 2020، شرُفت بإجراء مقابلة مع جيتس عندما استضفت أول حفل افتراضي للجنة الوطنية للسياسة الخارجية الأميركية، حيث حصل جيتس على جائزة «هانز مورجانثو» المرموقة من اللجنة الوطنية الأميركية. وكان من بين الفائزين السابقين السيد بايدن، وشولتز، وهنري كيسنجر، الذين استهلوا الحفل بتهنئة مسجلة لجيتس.
تحدثت مع «جيتس» بعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس دونالد ترامب عن خطط لخفض عدد القوات الأميركية في أفغانستان والعراق إلى النصف. كانت هذه الأخبار تشكل مصدر قلق له، ويرجع ذلك جزئياً إلى المخاطر التي تتعرض لها باقي القوات الأميركية من المتطرفين في كلا البلدين. في الواقع، بعد ساعات فقط من الإعلان، وقعت هجمات صاروخية بالقرب من السفارة الأميركية في بغداد. كما أعرب جيتس عن قلقه من أن الانسحاب سيترك معدات أميركية قيمتها مليارات الدولارات غير محمية، وكل ذلك لأن قرار المغادرة كان متسرعاً للغاية.
وأكد جيتس أنه منذ يناير 2001 حتى تقاعده في يوليو 2011 كان هناك وزيرا دفاع فقط. وأعرب عن أسفه للتغير السريع والفترات القصيرة لخلفائه المتعددين في السنوات التسع التي تلت ذلك، مما أضر بقدرتهم على «الإصلاح أو الإدارة أو القيادة» بسبب عدم قدرتهم على ترسيخ المصداقية داخل الجيش. واختتم حديثه قائلاً: «حان الوقت لإصلاح هذا التغيير المستمر».
وذكر «جيتس» العلاقات الأخرى التي سيحتاج الرئيس بايدن إلى إصلاحها. وأدرج المجموعات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، وكذلك مجتمع الاستخبارات الأميركية، وهي منظمة يعرفها جيتس جيداً، نظراً لقيادته لوكالة الاستخبارات المركزية خلال إدارة الرئيس جورج بوش الأب. كما دعا إلى إجراء إصلاحات داخل وزارة الخارجية، التي قال إنها «واجهت التجويف نفسه الذي واجهته القوات المدنية داخل البنتاجون».
بشكل عام، دعا جيتس إلى إعادة هيكلة وإصلاح إطار العمل الاستراتيجي. وقال إنه من أجل أمن أميركا، فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى التصرف بطريقة متماسكة استراتيجياً. والخطوة الأولى هي إصلاح العلاقات مع حلفاء واشنطن، العلاقات التي تضررت خلال السنوات الأربع الماضية. وقال: «هذه هي القوة الفريدة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى أن «روسيا والصين ليس لهما حلفاء، بل فقط دول عميلة».
لقد كانت محادثة رصينة، لكننا انتهينا بملاحظة رائعة. على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، قام جيتس بالتنقل بين أدوار الخدمة العامة والقيادة في جامعة تكساس إيه آند إم وجامعته «وليام آند ماري». تساءلت عما إذا كانت المعارك بين أعضاء هيئة التدريس تذكره بالخلافات داخل «البنتاجون». فضحك وقال لا. كان القاسم المشترك ولا يزال هو الشباب الذين يتواصل معهم.
وقال إنه يقدر في حرم الجامعات الآلاف والآلاف من الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما، الذين يرتدون قمصانا وشباشب وحقائب ظهر. أثناء وجوده في البنتاجون، كان يقود شبابا تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً «يرتدون الدروع الواقية للبدن ويحملون البنادق، ويعرض حياتهم للخطر ويعلقون أحلامهم لإفادة وحماية هؤلاء الشباب في الحرم الجامعي». وقال جيتس، إنه يشعر بألفة خاصة تجاه الطلاب وكذلك «الشباب المذهلين الذين رفعوا أيديهم اليمنى، وأقسموا على حماية هذا البلد ودستورنا».

* كاتبة أميركية. مؤلفة مشاركة لكتاب «نعمة: نساء ملونات يتحدن للقيادة والتمكين والنجاح»
ينشر بترتيب حاص مع خدمة «نيويورك تايمز»